قتلى وجرحى بينهم طالبات.. مأساة الأبيض 14 أغسطس
في صباح يوم الأربعاء قبل الماضي، خرجت طالبات المرحلة الثانوية في مدينة الأبيض، بولاية شمال كردفان، وسط السودان، متجهات إلى مدارسهن، دون أن يتوقعن أن يكون هذا اليوم هو آخر يوم في حياتهن، الأبيض، التي تحولت إلى ساحة معركة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شهدت مأساة جديدة عندما تعرضت الطالبات لقصف عنيف أسفر عن مقتل عدد منهن.
قصف مباغت وحالة من الفوضى
وتحدثت شهود عيان لـ"وادي النيل"، منهم (س. ع) التي وصفت مشهد الأمهات وهن يهرعن لإنقاذ أطفالهن وسط ذعر ورعب إثر القصف الذي استهدف المدينة. أما الشاب (ر. ص) فذكر أن المدينة كانت تعيش حالة من الهدوء النسبي صباح يوم 14 أغسطس، قبل أن تتغير الأوضاع بشكل مفاجئ. حيث قامت قوات الدعم السريع بشن هجوم عنيف باستخدام عربات عسكرية ودراجات نارية محملة بأسلحة ثقيلة، منها الكاتيوشا والمدافع.
أطلقت القوات سبع قذائف، كانت أولها قد سقطت داخل ساحة مدرسة أبو ستة الثانوية، مما دفع العديد من السكان لمحاولة إنقاذ الطالبات وإخراجهن من المدرسة. في لحظة واحدة، تحولت ضحكات الطالبات إلى صرخات رعب، مع محاولاتهن الفرار بحثاً عن الأمان.
ضحايا بين الطالبات والمزيد من الإصابات
ووفقًا لـ(ر. ص)، فإن القصف الثاني أصاب الطالبات اللاتي كن يحاولن الهرب، مما أسفر عن سقوط ضحايا وإصابات خطيرة بينهن. بينما نجت أخريات لم يغادرن الفصول الدراسية، لكنهن أصبن بحالة من الذعر الشديد.
استمر القصف ليشمل مناطق أخرى في المدينة، منها السوق الغربي وبعض المؤسسات الحكومية. كما سقطت قذيفة أخرى على حافلة كانت تقل ركاباً بالقرب من مستشفى الشرطة، مما أدى إلى مقتل مدنيين وإصابة آخرين.
ظروف مأساوية وانقطاع الاتصالات
أحد المسعفين، (ع. أ)، تحدث لـ"وادي النيل" عن الأوضاع المأساوية أثناء محاولات إنقاذ المصابين في ظل انقطاع التيار الكهربائي. لم يكن لديهم سوى هواتفهم المحمولة لاستخدامها كإضاءة أثناء إجراء العمليات الجراحية. وأكد أن آخر حصيلة للقتلى كانت (27) شخصاً، بينهم (11) طالبة وأكثر من (150) مصاباً من المدنيين.
وأشار إلى أن القصف كان مكثفاً، مستهدفاً مواقع متعددة في المدينة، مما أدى إلى تعطل خدمات الاتصالات بشكل كامل. وعادت الخدمة بعد ستة أيام من الانقطاع.
ردود فعل غاضبة وقرار بإغلاق المدارس
تصاعدت حالة الغضب بين المدنيين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وثقت "وادي النيل" هذه المشاعر الغاضبة، وانتقد الكثيرون قرار فتح المدارس في ظل هذه الظروف، معتبرين أن حياة الطلاب باتت معرضة للخطر.
في حين يواصل الجيش السوداني فرض سيطرته على مدينة الأبيض، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق الولاية، بما في ذلك مدينتي الرهد وأم روابة.
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تزايدت وتيرة حوادث النهب المسلح في مناطق الاقتتال الرئيسية، مما يضيف إلى تعقيد المشهد في شمال كردفان.