بالأرقام.. كيف نجح مالك عقار في حشد الدعم الإقليمي والدولي لصالح السودان؟

القاهرة : علي فوزي
نجح نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، مالك عقار، في تحريك المياه الراكدة في المشهد السوداني، عبر تحركات دبلوماسية واستراتيجية أثمرت عن تعزيز الدعم الإقليمي والدولي للسودان، وفتح آفاق جديدة أمام حل الأزمة المستعصية في البلاد. وفيما يلي رصد لأبرز المكاسب التي حققتها تلك التحركات:
دعم غير مسبوق من قمة البحيرات العظمى
في خطوة دبلوماسية لافتة، شارك عقار في اجتماعات الآلية الإقليمية لمراقبة الاتفاق الإطاري للأمن والسلم والتعاون في منطقة البحيرات العظمى، التي انعقدت في العاصمة الأوغندية كمبالا.
وقد حمل البيان الختامي للقمة، المكون من 31 فقرة، رسائل دعم واضحة للسودان، حيث خُصصت فقرتان لتأكيد التضامن مع الشعب السوداني ضد "المليشيا المتمردة"، في إشارة غير مسبوقة إلى قوات الدعم السريع.
كما دعت القمة إلى وقف التدخلات الخارجية في الشأن السوداني، ومنع تهريب السلاح والمرتزقة، ووقف الهجمات بالطائرات المسيّرة على المدن والمنشآت السودانية، وطالبت برفع الحصار عن مدينة الفاشر، تنفيذًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736.
تحريك ملف العودة إلى الاتحاد الإفريقي
في مارس 2025، زار عقار جمهورية جيبوتي والتقى بالرئيس إسماعيل عمر قيلين، ناقلًا رسالة من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بشأن تطوير العلاقات الثنائية.
وطرح السودان –خلال الزيارة– رغبته في استعادة موقعه في الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيغاد، بعد تعليق عضويته في أكتوبر 2021. وقد أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، عن انفتاح المنظمة على مناقشة إعادة السودان إلى المنظومة القارية.
قمة القاهرة: تنسيق مع الجوار وحلحلة ملف اللاجئين
شارك عقار في قمة دول جوار السودان بالقاهرة، إلى جانب عدد من القادة الإقليميين، على رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وأكد خلال القمة على الترحيب بالدور المصري في حل الأزمة السودانية، مشيدًا باستضافة مصر لنحو 5 ملايين لاجئ سوداني، مع الاتفاق على تسهيل إجراءات دخول السودانيين العالقين على الحدود.
مواجهة الضغوط الخارجية.. اتهام مباشر للإمارات
لم يتردد عقار في تسمية الجهات التي يرى أنها تؤجج الصراع، حيث اتهم دولة الإمارات بالسعي لتنظيم مؤتمر موازي لقمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، بهدف التأثير على مسار الأزمة. وأكد أن السودان لن يسمح بتقرير مصيره من قِبل أطراف خارجية.
كما وجه رسالة واضحة إلى إثيوبيا، داعيًا إلى اتخاذ موقف يتماشى مع المصالح المشتركة وعدم الانخراط في سياسات تضر بالسودان.
دعم مبادرة "الإيغاد" وتوحيد الجهود
دعا عقار إلى توحيد كافة المبادرات الدولية لحل الأزمة السودانية تحت مظلة منظمة "الإيغاد"، عندما شارك وترأس قمتها العادية رقم (14) علي مستوى رؤساء حكومات الدول، وإنعقدت القمة بدولة جيبوتي في منتصف العام 2023م؛ حيث شرح عقار في خطابه آنذاك خلفيات الأزمة القائمة وقدم مقترحات للحلول، ولكن في بداية العام 2024م قررت منظمة الإيغاد دعم تدخل قوات شرق افريقيا (EASF) عسكريًا في السودان مما دفع الحكومة السودانية إلي إعلان قرار تجميد عضويتها في المنظمة.
كان هنالك اتفاقًا في تلك الفترة أثار الكثير من الجدل يتحدث عن تشكيل لجنة وساطة رباعية تضم كينيا، إثيوبيا، جيبوتي، وجنوب السودان، بهدف الجمع بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أو إيجاد أيّ وسائل لمناقشة القضايا الإنسانية ووقف إطلاق النار، والتوصل إلى رؤية موحدة تعدي في نهاياتها لحل الدعم السريع وبناء جيش واحد.
تجديد الالتزام باتفاق جوبا للسلام
أكد عقار خلال مشاركته في القمة العاشرة للآلية الإقليمية للإشراف على الاتفاق الإطاري، التزام الحكومة السودانية بتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، والسعي لاستكمال المفاوضات مع الحركات غير الموقعة.
وشدد على أن مسار السلام جزء لا يتجزأ من أهداف الثورة السودانية وقيمها المتمثلة في "الحرية، السلام، والعدالة".
دبلوماسية مسؤولة تعيد للسودان حضوره
من خلال سلسلة التحركات التي قادها مالك عقار خلال الأشهر الماضية، نجح السودان في إعادة تصدير أزمته إلى طاولة المجتمع الدولي، بعد فترة من العزلة والتجاهل.
وبينما تتسارع وتيرة التصعيد العسكري على الأرض، تبقى التحركات السياسية والدبلوماسية التي يقودها عقار بمثابة بارقة أمل، قد تمهد الطريق أمام استعادة السلام والاستقرار، مع الحفاظ على السيادة الوطنية ورفض أي تدخلات تمس القرار السوداني.