عبد الكريم مقيق.. خمسون عامًا من الريادة العلمية والقيادة التنموية في ليبيا

طرابلس – وادي النيل
من حي سوق الجمعة في العاصمة طرابلس، انطلقت رحلة الدكتور عبد الكريم ميلاد علي بلعيد مقيق، الذي وُلد في العاشر من مارس 1955، ليصنع على مدى أكثر من نصف قرن مسيرة علمية وإدارية استثنائية، وضعته في طليعة العلماء العرب، وسفيرًا لليبيا في أهم المحافل الدولية في مجالات الذرة والطاقة والتنمية الصناعية.
من طرابلس إلى لوس أنجلوس.. بداية التألق الأكاديمي
برزت علامات النبوغ على الدكتور مقيق منذ مراحل تعليمه الأولى، ليفتتح رحلته الأكاديمية الكبرى بالالتحاق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA)، حيث نال بكالوريوس الهندسة الكهربائية في تخصص التحكم الإلكتروني عام 1980، وهو من التخصصات الدقيقة والنادرة على مستوى العالم العربي آنذاك.
محطات علمية في قلب أوروبا
واصل مقيق بناء خبراته العلمية من بوابات أوروبا الشرقية والغربية، حيث نال عام 1982 شهادة متقدمة في القياسات الصناعية والنووية من مركز ريغا للطاقة النووية في روسيا، قبل أن ينتقل إلى ألمانيا الغربية لتلقي تدريب متخصص بجامعة برلين في مجالات القياس النووي، مؤكدًا بذلك انخراطه المبكر في ميادين علمية دقيقة تتطلب كفاءة عالية.
ريادة وطنية ومراكز قيادية
شغل الدكتور مقيق عدة مناصب استراتيجية داخل ليبيا، أبرزها إدارة مراكز علمية محورية مثل مركز البحوث النووية، مركز الطاقة المتجددة، مركز تحلية المياه، ومركز البرمجيات وتقنية المعلومات. كما قاد مشروع "نثرية الوقود النووي" الاستراتيجي، وبرز كأحد أبرز الأسماء الليبية في مجال التكنولوجيا النووية.
وفي عام 2000، كُرّم بجائزة العبقرية من جمعية المخترعين المجرية، إلى جانب وسام رفيع من منتدى طرابلس الاقتصادي، في اعتراف دولي ومحلي بجهوده العلمية والمجتمعية.
حضور دولي ومساهمات مؤثرة
امتدت بصمات الدكتور مقيق خارج حدود ليبيا، حيث شارك في صياغة برامج علمية على مستوى عربي ودولي، وشغل مناصب منها: رئيس اللجنة العليا للبرنامج الوطني للتنمية الصناعية، وعضو الفريق العربي لوضع استراتيجية التكامل المناعي، وعضو فرق بحثية في مجالات الوقود النووي، كما شارك في مجموعة "ميلان" العلمية بالتعاون مع "سيرن" و"فرميلاب" العالميتين.
تعدد لغوي وثقافة عابرة للقارات
تميز الدكتور مقيق بإتقانه للغة الإنجليزية، الإيطالية، الروسية، والتركية، مما مكّنه من نسج علاقات علمية رفيعة مع كبريات المؤسسات البحثية في أوروبا وأمريكا، وساهم في تعزيز موقع ليبيا ضمن منظومة البحث العلمي العالمية.
رجل دولة بمشروع وطني مستدام
اليوم، يشغل الدكتور مقيق منصب مدير إدارة الاستثمار بجهاز تنمية وتطوير الجنوب، حيث يواصل دعم المشاريع الاستراتيجية والتنموية، مستندًا إلى خبراته المتراكمة ورؤيته التنموية الطموحة.
قدوة عربية في زمن التحديات
يظل الدكتور عبد الكريم مقيق نموذجًا مُضيئًا للجيل العربي الصاعد، إذ تعكس سيرته التقاء الإرادة بالعلم، والقيادة بالإبداع، لتجسد قصة نجاح عربية يُحتذى بها، في وقت تحتاج فيه الأمة إلى قدوات تصنع الفرق، وترسم ملامح مستقبل أفضل.