قراءة وتعليق في قانون اللجوء المصري (7)
المنظمات و"الجأر بالشكاوى" دون تقديم بدائل

بقلم: الصادق علي حسن
عند طرح مشروع قانون اللجوء المصري رقم 164 لسنة 2024 للنقاش، سارعت بعض المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية (أمنستي) إلى إطلاق موجة من الانتقادات، مركزة على ما وصفته بانتهاك حقوق اللاجئين. إلا أن هذه الجهات – رغم تأثيرها الواسع – لم تقدم مقترحات بنّاءة أو حلول عملية للمُشرع المصري، سواء خلال مناقشات القانون في البرلمان أو أثناء فترة إعداد اللائحة التنفيذية المحددة بستة أشهر.
وبدلًا من الإسهام في تحسين التشريع أو تعزيز الحقوق، اكتفت تلك المنظمات بـممارسة النقد السلبي ورفع الشعارات، دون مراعاة للأبعاد الواقعية والاجتماعية التي تحيط بملف اللجوء في دولة مضيفة مثل مصر.
اللاجئ لا يبحث بالضرورة عن ممارسة النشاط السياسي الذي حُرم منه في بلاده، بل يحتاج إلى احتياجات أساسية مثل المأكل، المشرب، الرعاية الصحية، والتعليم، والاندماج الاجتماعي والثقافي. كما أن الدول، بحكم سيادتها، تفرض قيودًا على ممارسة النشاطات السياسية من قِبل الأجانب، احترامًا للنظام العام والعلاقات الدولية.
تطور تشريعي إيجابي
يُعد صدور قانون اللجوء المصري رقم 164 لسنة 2024 في حد ذاته نقلة نوعية في التشريع المصري، حيث يُمثل أول إطار قانوني شامل ينظم وضع اللاجئين في البلاد.
ويمكن لهذا القانون أن يُمهّد الطريق لتطوير تشريعات أخرى ذات صلة، مثل:
قانون المحاماة
قانون العمل
قانون الجمعيات الأهلية
الحق في التقاضي: ضمانة قانونية مهمة للاجئين
يميز القانون بين المقاضاة والتقاضي:
المقاضاة: تعني الادعاء بالحق.
التقاضي: يشير إلى رفع النزاع أمام المحكمة للحصول على الحق.
وقد نصت المادة (17) من قانون اللجوء المصري على أن:
> "يكون للاجئ الحق في التقاضي، والإعفاء من الرسوم القضائية إن كان لذلك مقتضى، وذلك على النحو الذي تنظمه القوانين ذات الصلة."
هذه المادة تمنح اللاجئ حقًا قانونيًا في اللجوء إلى القضاء، وقد تُتيح له – إن كان محاميًا – أن يُمارس الترافع وفق ضوابط القانون المصري. وهنا تبرز أهمية الربط مع المادة (13/بند 1) من القانون رقم 147 لسنة 2019 (المعدل لقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983)، والتي تُحدد شروط ممارسة المحاماة بمصر، ومن بينها:
> "أن يكون المحامي متمتعًا بالجنسية المصرية ومقيمًا بها، ويجوز لوزير العدل – بالتنسيق مع نقابة المحامين – الترخيص لمحامٍ أجنبي بالعمل في دعوى أو موضوع معين بشرط المعاملة بالمثل."
نداء إنساني للنقابة والمحامين
في ظل الحرب الجارية في السودان، نزح أكثر من مليون لاجئ سوداني إلى مصر، من بينهم عدد كبير من المحامين الذين فقدوا مصادر دخلهم وخدماتهم القانونية.
ولذا، يمكن لنقابة المحامين المصريين، وبالتنسيق مع الجهات المختصة، النظر في منح استثناءات مؤقتة لبعض هؤلاء المحامين لمزاولة المهنة في قضايا محددة، خاصة خلال هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادهم.
في النهاية بدلاً من التنديد والشكاوى الجوفاء، كان الأولى بالمنظمات الحقوقية أن تسهم في تطوير القانون عبر مقترحات واضحة ومشاركة إيجابية. فقانون اللجوء المصري يمثل بداية مسار إصلاحي يمكن البناء عليه لخدمة اللاجئين والمجتمع المضيف على حد سواء، في إطار من السيادة والعدالة واحترام القانون.