خبراء يكشفون لـ «وادي النيل» .. التفاصيل الكاملة حول الكارثة البيئية التي يتعرض إليها السودان
خاص - وادي النيل
في الآونة الأخيرة، تصاعدت التحذيرات من كارثة بيئية خطيرة تهدد ولاية نهر النيل في شمال السودان، وذلك بعد تداول صور على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر أعدادًا كبيرة من الأسماك النافقة على شواطئ النيل.
وأشارت التقارير إلى أن هذه الظاهرة قد تكون نتيجة لتلوث المياه بالزئبق والسيانيد المستخدمين في عمليات التنقيب العشوائي عن الذهب، التي تشهدها المنطقة.
ويعتقد أن هذه المواد السامة قد تسربت إلى النهر بفعل السيول الجارفة التي اجتاحت المنطقة مؤخرًا نتيجة للأمطار الغزيرة التي هطلت على مرتفعات جبال البحر الأحمر.
وقد وصفت جهات بيئية وصحية هذا الوضع بأنه مؤشر على كارثة بيئية غير مسبوقة تهدد المنطقة، وقد تمتد آثارها المدمرة لأجيال قادمة.
وأشار الصحفي السوداني كمال إدريس في تصريحات خاصة لـ " وادي النيل"، إلى أن العديد من الجهات المختصة كانت قد حذرت مرارًا من مخاطر استخدام الزئبق والسيانيد في عمليات التنقيب العشوائي، إلا أن هذه التحذيرات لم تلقَ استجابة كافية، مما أدى إلى حدوث ما كانت تحذر منه تلك الجهات بعد هطول السيول الأخيرة.
وفي هذا السياق، كشفت إحصاءات رسمية عن ارتفاع كبير في معدلات الإصابة بأمراض السرطان في المنطقة، يُعزى بشكل مباشر إلى عمليات التنقيب غير المنظمة عن الذهب. وقد جذبت هذه العمليات أعدادًا كبيرة من "الدهابة"، وهم عمال التنقيب العشوائي الذين يستخدمون وسائل بدائية تشكل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان والحيوان، وتترك آثارًا ضارة على البيئة تستمر لعقود.
بدورها، أطلقت حركة السودان الأخضر تحذيرات عاجلة لسكان ولاية نهر النيل من خطورة التلوث الناتج عن التعدين العشوائي، والذي أصبح يهدد الحياة ليس فقط في شمال السودان، بل قد يمتد أثره إلى جمهورية مصر العربية.
ودعا مؤسس الحركة، الدكتور فخر الدين عوض عبد العال، سكان المنطقة إلى التحرك الفوري لحماية أراضيهم من المخاطر البيئية المتزايدة، مشيرًا إلى أن هذه المخاطر تشكل تهديدًا أكبر من الحرب الدائرة في البلاد.
وأكد الدكتور فخر الدين أن التلوث البيئي الناتج عن أعمال التنقيب العشوائي، والذي حذرت منه العديد من المنظمات، يمثل جزءًا من سلسلة الأزمات التي تهدد حياة المواطنين على طول نهر النيل.
وأوضح أن هذا التلوث سيبقى تأثيره السلبي لعقود، حتى بعد انتهاء الحرب، حيث سيؤثر على المناخ والحياة البرية والزراعية ومصادر المياه في المنطقة.
وأشار إلى أن الجهات المتورطة في الحرب، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع وشركات أجنبية مثل شركة فاغنر الروسية، قد ساهمت في تعميق هذه الكارثة البيئية من خلال دعمها لعمليات التنقيب العشوائي. وأضاف أن سكان المنطقة، الذين يعانون من الفقر والأمراض القاتلة، يواجهون غيابًا تامًا للمرافق الصحية التي يمكن أن تساعدهم على التعامل مع هذه الأزمة.
وفي مواجهة هذه الكارثة، دعا الدكتور فخر الدين إلى ضرورة تنسيق الجهود بين المنظمات والمؤسسات الأهلية للحد من تأثيرات الحرب والدمار البيئي. وأشار إلى أن حركة السودان الأخضر تعمل على تقديم حلول عملية للتخفيف من معاناة السكان، بما في ذلك مبادرة إنشاء "بنك البذور" لضمان الأمن الغذائي في المناطق المتضررة. وأكد على أهمية إعلان حالة الطوارئ في المنطقة لتجنب وقوع كارثة بيئية أوسع نطاقًا، قد تستمر تأثيراتها لأجيال قادمة.