هل توافق أطراف الحرب في السودان على قرارات مؤتمر جنيف؟

هل توافق أطراف الحرب في السودان على قرارات مؤتمر جنيف؟
السودان

خاص: وادي النيل 

قال المحلل السياسي السوداني محمد الأمين أبو زيد، عندما اندلعت الحرب في السودان نتيجة صراع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وهما قوتان نظاميتان، حيث كان جوهر الخلاف يتعلق بمسألة الإصلاح والهيكلة كأحد استحقاقات الاتفاق الإطاري الذي وقع عليه الطرفان في ديسمبر 2022، وكان من المقرر التوقيع النهائي عليه في أبريل 2023 بعد ختام ورشة الإصلاح الأمني والعسكري.

أضاف «الأمين» لـ «وادي النيل»، في تطور ملحوظ، قبلت قوات الدعم السريع الدعوة الأمريكية للتفاوض بشأن وقف الحرب، وأرسلت وفدها إلى جنيف، مما يعكس رغبتها في السعي لتحقيق السلام ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني ووقف الدمار الذي خلفته الحرب في مختلف جوانب الحياة. على النقيض، يظل موقف الجيش متردداً في قبول التفاوض، مشيراً إلى أسباب تبدو بعيدة عن المنطق بالنظر إلى حجم الكوارث الإنسانية والتشريد والنزوح الذي أثر على ما لا يقل عن 25 مليون سوداني.

أكمل، أن قيادة الجيش تمارس تكتيكات للهروب من محادثات جنيف، متذرعة بمبررات تتعلق بالآثار السياسية لوقف الحرب، وهو ما أكدت الولايات المتحدة والأطراف الدولية والإقليمية الداعمة لها على ضرورة خروج طرفي الصراع من رسم مستقبل السودان السياسي وأهمية استعادة الانتقال المدني الديمقراطي بقيادة مدنية. هذا التوجه يهدد بإقصاء حلفاء الجيش، خاصة الحركة الإسلامية وواجهاتها، من المعادلة السياسية، وفي هذا السياق، سبق لقائد الجيش أن دعا إلى إشراك ما يسمى بـ"المقاومة الشعبية"، في إشارة إلى الإسلاميين، في أي عملية سياسية مستقبلية.

تابع، أن استمرار التأكيد من قبل الولايات المتحدة والأطراف المشاركة في محادثات جنيف على أهمية انخراط الجيش في التفاوض، ودعواتهم المتكررة له حتى بعد بدء المحادثات، يعكس الرغبة القوية في تحقيق تقدم حقيقي نحو وقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين من خلال فتح الممرات الآمنة.

أوضح المحلل السياسي السوداني، أن الولايات المتحدة والجهات المشاركة في المحادثات توصلت من خلال الاجتماعات التمهيدية، التي سبقت مفاوضات جنيف وعقدت مع الوفد الحكومي في جدة، إلى فهم الجهات التي تقف وراء استمرار الحرب وتأثيرها المباشر على قيادة الجيش، مما دفعها للرفض وعدم المشاركة. وهذا سيترتب عليه نتائج قد لا تكون في صالح الجيش مستقبلاً.

أشار إلى أن تصريحات المبعوث الأمريكي بشأن استمرار المحادثات في غياب وفد الجيش تؤكد على عزم الأطراف المعنية بوضع حد للحرب في السودان، مع التركيز على الجوانب الإنسانية الملحة، ومن المرجح أن تكون مخرجات المحادثات ذات موثوقية عالية وستفرض على الأطراف المتصارعة. في ظل التعقيدات الإنسانية الكارثية والتطورات الميدانية، لم يعد هناك مجال للتلكؤ من أي طرف.

لافتاً إلى أن الحضور الإقليمي والدولي البارز في محادثات جنيف لن يتيح للجيش أو الدعم السريع فرصة للمناورة أو تجاهل معاناة الشعب السوداني، الذي عبر عن رفضه لاستمرار الحرب من خلال فعاليات متنوعة قبل بدء المحادثات.

واختتم، أنه في ضوء ذلك، يبدو أن المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن، قد يتخذ خطوات حاسمة بشأن الحرب في السودان، نظرًا لتأثيرها على السلم والأمن الدوليين في المنطقة، ومخاوف تمدد الصراع خارج الحدود. التدخلات الدولية الحالية ستدفع بضرورة إنهاء الحرب وعودة الحياة المدنية الديمقراطية في السودان. على قيادة الجيش أن تدرك مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الشعب السوداني ومعاناته، وأن تدرك أن التعنت ليس له ما يبرره على أرض الواقع.