في ذكرى رحيله.. حقائق تُكشف لأول مرة عن الزعيم جمال عبد الناصر
تقارير: وادي النيل
تحل اليوم الذكرى الـ54 لرحيل الزعيم العربي جمال عبد الناصر، الذي غادر عالمنا في 28 سبتمبر 1970، تاركًا خلفه إرثًا سياسيًا وفكريًا لا يزال يؤثر في العالم العربي. ناصر، الذي كان قائدًا لحركة التحرر العربية ورمزًا للقومية العربية، رحل عن عمر يناهز 52 عامًا، لكنه ترك بصمة لا تمحى في تاريخ مصر والعالم العربي.
من هو جمال عبد الناصر؟
جمال عبد الناصر حسين، وُلِد في 15 يناير 1918 بمدينة الإسكندرية، ونشأ في أسرة متوسطة. منذ شبابه، برز كقائد يتمتع بطموح وإرادة قوية. انضم للجيش المصري ليصبح في ما بعد أحد أبرز الضباط الذين قادوا ثورة 23 يوليو 1952. تلك الثورة التي وضعت نهاية للحكم الملكي في مصر، ومهدت الطريق لقيام الجمهورية المصرية في 18 يونيو 1953، حيث تولى عبد الناصر القيادة وأصبح رمزًا للتغيير والإصلاح.
ثورة 23 يوليو وبداية مسيرة القيادة
عبد الناصر كان من بين مؤسسي "حركة الضباط الأحرار"، التي قادت ثورة يوليو 1952. هذه الثورة أطاحت بالملك فاروق، منهية عقودًا من الحكم الملكي، وأسست لجمهورية جديدة قائمة على العدالة الاجتماعية والتحرر من الفساد. تبنى عبد الناصر برنامجًا إصلاحيًا شاملاً، اشتمل على إصلاحات اقتصادية واجتماعية هادفة إلى تقليص الفجوة بين الفقراء والأغنياء.
القومية العربية.. مشروع الوحدة
كان عبد الناصر مدافعًا عن القومية العربية، وأبرز دعاة الوحدة بين الدول العربية. تجسدت هذه الفكرة في تأسيس الجمهورية العربية المتحدة في 1958، التي جمعت بين مصر وسوريا، وإن كانت هذه الوحدة قد انهارت في 1961. ومع ذلك، ظل ناصر متمسكًا بفكرة التضامن العربي ومواجهة القوى الاستعمارية، معتبرًا أن الوحدة العربية هي السبيل لتحقيق الاستقلال والتنمية.
تحدي الاستعمار وتأميم قناة السويس
أحد أهم الإنجازات التي حُفرت في تاريخ عبد الناصر كان قراره بتأميم قناة السويس في عام 1956، وهو القرار الذي أثار عدوانًا ثلاثيًا من قبل بريطانيا، فرنسا، وإسرائيل. ولكن بفضل المقاومة المصرية والدعم الدولي، خاصة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، انتهى العدوان بانتصار سياسي كبير لعبد الناصر، ليصبح رمزًا للصمود في وجه الاستعمار.
التنمية الاقتصادية والاشتراكية
داخليًا، انتهج عبد الناصر سياسة اشتراكية ركزت على تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل أكثر عدلاً. قاد عملية تأميم واسعة للبنوك والصناعات الكبرى، وأطلق مشاريع تنموية طموحة كان أبرزها بناء السد العالي في أسوان، الذي ساهم في توفير الطاقة الكهربائية وزيادة الرقعة الزراعية.
حرب 1967 والنكسة
رغم الإنجازات الكبرى التي حققها عبد الناصر، كانت حرب 1967 نكسة كبيرة في مسيرته. خسرت مصر شبه جزيرة سيناء أمام إسرائيل في هذه الحرب، ما شكّل صدمة للشعب المصري والعالم العربي. ورغم هذه الهزيمة، ظل ناصر رمزًا للكفاح من أجل القضية الفلسطينية والتحرر العربي.
وفاة الزعيم وتأثيره المستمر
في 28 سبتمبر 1970، توفي جمال عبد الناصر إثر نوبة قلبية، وسط حزن شعبي عارم في مصر والعالم العربي. ورغم وفاته، بقي عبد الناصر رمزًا للكرامة الوطنية والاستقلال، وزعيماً ألهم الأجيال العربية. لا تزال أفكاره حول القومية العربية والعدالة الاجتماعية تلهم العديد من الحركات السياسية في العالم العربي حتى يومنا هذا.
في النهاية جمال عبد الناصر لم يكن مجرد زعيم سياسي، بل كان رمزًا للكرامة والمقاومة ضد الاستعمار. استطاع بفكره وإرادته أن يغير مسار التاريخ في مصر والعالم العربي. رحل ناصر، ولكن إرثه لا يزال حيًا في قلوب الملايين الذين يعتبرونه بطلًا قوميًا وزعيمًا خالدًا.