عبدالحميد يس يكتب: الضحية والجلاد

عبدالحميد يس يكتب: الضحية والجلاد
عبدالحميد يس- وادي النيل

بقلم: عبدالحميد يس

من هي الضحية؟

الضحية هي أنت، حينما تستسلم للتنميط القبلي والحزبي والإيدولوجي، فتصبح صوتًا مجوفًا يردد شعارات فارغة دون إدراك للمعاني الحقيقية التي تقف وراءها. تلك العبارات التي نسمعها مرارًا وتكرارًا مثل "بل بس"، "جقم"، "متك"، و"فتك"، تحوّلت إلى أدوات لخلق القطيع، وأنت أصبحت جزءًا ثابتًا من هذا القطيع دون أن تدري.

نسيت تاريخك، هجرتك الطويلة، المنافي التي عشتها، وأهملت هموم أسرتك واحتياجاتها. بدلاً من أن تكون صوتًا واعيًا للوطن، اخترت الانحياز إلى طرف دون الآخر، متغافلًا عن الدور الحقيقي الذي يمكنك القيام به.

إن كنت تسعى إلى أن تصبح وطنيًا بحق، فابدأ بقراءة تاريخ وطنك، تعرّف على جغرافيته، عرقياته، سياساته، ومن يحكمه وكيف ولماذا. ثم اسأل نفسك: أين أنا من هذا كله؟ فقط بعد هذه المعرفة يمكنك أن تحدد موقفك الحقيقي، وتكون وطنيًا صادقًا.

أما الجلاد؟

الجلاد هو من سلبك عقلك، وأفقدك الوعي بحقيقة واقعك. هو من نهب موارد وطنك، وجعلك تغترب عنه رغم غناه وثرواته. الجلاد هو من فرض عليك حياة المنفى، ليتلاعب بعدها بعاطفتك تجاه وطنك.

عندما تريد العودة إلى موطن طفولتك، تجد الأبواب موصدة أمامك إلا إذا دفعت الرسوم والضرائب، التي لن تُترجم يومًا إلى خدمات تعليمية أو صحية أو بنية تحتية. الجلاد جعل الحنين إلى الوطن عقابًا في ذاته، لتظل أسير الحلم بالعودة، لكنه حلم قد ينتهي وأنت جثة هامدة، أو تعود لتكتشف أن الوطن الذي حلمت به لم يعد موجودًا.

رسالة للتأمل

أنت الضحية، والجلاد هو من جعلك كذلك. لنعي الدرس، ولنعمل من أجل مستقبل أفضل. قد يأتي من بيننا من يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ليعيد له كرامته وازدهاره.

لنجعل من وعينا بداية جديدة نحو التغيير الحقيقي.