قضايا ثقافية:حول التنوع الثقافى والتعدد الثقافى

قضايا ثقافية:حول التنوع الثقافى والتعدد الثقافى
محمد الأمين أبو زيد

بقلم: محمد الامين ابوزيد

يعتبر المجتمع السودانى نموذجاً مثالياً للتنوع والتعدد والثراء الثقافى فى اطار المجتمعات المحلية او فوق مستوى ذلك،ولان ارض السودان تاريخيا وماتزال تشكل جسرا بين ثقافات متعددة بين افريقيا شمال الصحراء وجنوب الصحراء والمنطقة العربية فى اسيا.هذه الخصوصية جعلت من السودان بلدا يمتاز بالتنوع الثقافى والتعدد اللغوى والدينى.

يرتكز مقالنا على تاسيس مفاهيمى لقضية التنوع والتعدد الثقافى وهل هى نعمة ام نقمة؟وماهى الاشكالية هل فى التنوع والتعدد ام فى كيفية ادارته لصالح بلد موحد ومنسجم اجتماعياً؟.

التنوع الثقافى هو الاختلاف فى مجموعة من الناس فيما يتعلق بالجنس والثقافة والدين واللغة..الخ وهو نقيض الاحادية الثقافية بمايستلزم تعزيز التنوع ونهجه بشكل ايجابى للاختلافات ،اما التعدد الثقافى هو تعايش عدد من الثقافات مع بعضها البعض فى المجتمع بطريقة تجعل كل طرف يحترم ثقافة الاخر دون اقصاء ووصاية وهيمنة.

تقول ديباجة ميثاق اليونسكو:لما كانت كرامة الإنسان تقتضى نشر الثقافة وتنشئة الناس جميعاً على مبادئ العدالة والحرية والسلام ،فان هذا العمل بالنسبة لجميع الامم يعد واجباً مقدساً ينبغى القيام به فى روح من التعاون المتبادل.بهذا فان احترام كرامة الإنسان تكمن فى احترام ثقافته وضمان حقه فى التعبير عنها فى مجتمع تسوده قيم العدالة والحرية والسلام.

ان من واجبات وضمانات التنوع الثقافى والتعدد الثقافى هى:

-احترام تنوع الثقافات والتسامح والحوار والتعاون فى جو من الثقة والتفاهم،بديلا للصراع والتضاد خير ضمان لتحقيق السلم والامن الاجتماعى.

-صون وتعزيز التنوع المثمر للثقافات وضمان التفاعل المنسجم والرغبة فى العيش معا،فى مجتمع ذى هويات ثقافية متعددة ومتنوعة ودينامية.

ـانتهاج سياسات ثقافية تعمل على دمج ومشاركة المواطنين وصولا الى الاندماج الوطنى والوحدة فى اطار التنوع.

-النظر الى التنوع الثقافى والتعدد الثقافى كأحد مصادر التنمية وليس ثبة،وهو سمة عامة فى أغلب المجتمعات البشرية.

-ان قضية التنوع والتعدد ترتبط بحقوق الإنسان،حيث الحقوق الثقافية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان العالمية المتلازمة والمتكاملة وهو ماشارت اليه المادة2من الاعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواد13،15من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

-لابد للدولة ان تعطى الانسان حق التعبير عن نفسه والإبداع عن اعماله ونشرها بلغته الام او اللغة التى يريدها وضمان حقه فى التعليم والتدريب والتنمية الثقافية والمشاركة فى الحياة الثقافية وممارسة تقاليده.

-من المهم تمكين الثقافات على قدر من المساواة فى فرص الوصول من التعبير عن نفسها وان تكون حاضرة فى وسائل الإعلام والنشر.

-صيانة التراث الثقافى ونقله الى الاجيال من خلال مناهج التعليم والاعلام كشاهد على تجارب الإنسان.

تحتل قضايا التنوع والتعدد مركز الصدارة فى المناقشات المعاصرة بشأن الهوية والتماسك الاجتماعى،وهذا بدوره يضع هذه القضية فى سياقها الصحيح بان الهوية الوطنية والاندماج الوطنى ليست قضية صراع سياسى كما يتصور البعض انطلاقاً من نظرة مجتزئة تحاول اسقاط السياسى على الثقافى.الهوية الوطنية تقوم على المشتركات وتتأسس على الثوابت الوطنية دون الغاء او استعلاء او قهر او وصاية،وعلى المواطنة المتساوية كأساس للحقوق والواجبات جميعها فى دولة مدنية ديمقراطية.

تصبح قضية التنوع والتعدد الثقافة مصدراً للاختلاف واثارة الصراعات عندما تفشل الدولة فى ادارتها على نحو صحيح يعلى من قيم التوحد فى اطار التنوع،وعدم الاعتراف بالحقوق الثقافية وممارسة الاستعلاء والقهر الثقافى.