النيجر على أعتاب خمسية إعادة التأسيس… الجنرال تشياني بين معادلة السيطرة والانفتاح

تقارير: وادي النيل
دخلت النيجر في 26 مارس 2025 مرحلة سياسية مفصلية، بعد إعلان الجنرال عبد الرحمن تشياني "ميثاق إعادة التأسيس"، الذي لم يمنح البلاد إطاراً دستورياً جديداً فحسب، بل كرّس موقع الجنرال رسمياً على رأس الدولة، بصفته رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة.
وبينما بات المشهد السياسي أكثر وضوحاً من الناحية الشكلية، فإن التساؤلات الحقيقية تدور حول طبيعة المرحلة المقبلة، ومضمون مشروع "إعادة التأسيس" الذي وضعه تشياني، لا سيما مع بدء العد التنازلي لأول اختبار فعلي في تشكيل حكومة جديدة.
تحدي الحكومة الجديدة: بين الولاء والكفاءة
المؤشرات المتاحة تفيد بأن الرئيس تشياني يتجه لإجراء تعديلات جوهرية في الفريق الحكومي، في خطوة تعكس نوايا إطلاق مرحلة جديدة بوجوه تحمل مشروعه السياسي. غير أن هذه المهمة لن تكون سهلة، إذ يُتوقع أن يوازن الجنرال بين ضمان استمرارية النظام، والحفاظ على ولاء الحلفاء، خصوصاً من داخل المجلس العسكري وقيادات الجيش.
ويُرجّح أن يحتفظ تشياني بوجود عسكري قوي داخل الحكومة المرتقبة، كضمانة لاستقرار الحكم وتماسك السلطة، إلا أن هذه المقاربة الأمنية وحدها لن تكون كافية، خاصة أن الميثاق ينص على مدة انتقالية تمتد لخمس سنوات، وهي فترة تتطلب إنجازات فعلية في ملفات التنمية والاقتصاد والعلاقات الخارجية.
الانفتاح السياسي: فرصة أم مخاطرة؟
تدرك القيادة الجديدة أن نجاح مشروع إعادة التأسيس يستلزم انفتاحاً مدروساً على كفاءات مدنية قادرة على تحويل الشعارات إلى برامج واقعية، ما قد يمنح النظام شرعية أوسع ويزيد من فعاليته. غير أن هذا الانفتاح يحمل في طياته تحديات سياسية محتملة، من بينها بروز طموحات موازية، أو تشكّل مراكز نفوذ قد تؤثر على قبضة الجنرال، فضلاً عن احتمال حدوث تصدعات داخل القاعدة العسكرية الداعمة له.
الخيارات أمام تشياني: مؤشر الرؤية المستقبلية
القرار الذي سيتخذه الجنرال عبد الرحمن تشياني بشأن طبيعة الحكومة المقبلة، سيشكّل المؤشر الأول والحاسم على رؤيته لإدارة البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، كما سيكشف عن درجة مرونته السياسية، وحدود تحالفاته، وهواجسه بشأن توازن السلطة.
وتبقى النيجر اليوم في حالة ترقّب حذر: هل سيُبقي الجنرال تشياني على دائرة عسكرية ضيقة لضمان السيطرة، أم سيختار توسيع قاعدة الحكم بإشراك كفاءات مدنية تسهم في بناء دولة أكثر شمولاً وفعالية؟ الإجابة على هذا السؤال سترسم ملامح مستقبل النيجر في حقبة ما بعد الميثاق.