من مالي إلى بوركينافاسو والسنغال.. ما دور أوكرانيا في توترات غرب أفريقيا؟
خاص - وادي النيل
أدى انخراط كييف في الصراعات الدائرة في دول الساحل الأفريقي إلى توتر دبلوماسي مع عدة دول، ما دفع لاستدعاء السفير الأوكراني لدى داكار، يوري بيفوفاروف، وتوجيه مذكرة احتجاج له.
بدأت الأزمة عندما نشر السفير الأوكراني في داكار مقطع فيديو عبر حساب السفارة الرسمي على فيسبوك، يدعم فيه الهجمات التي وقعت في نهاية يوليو ضد مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية. هذا الفيديو أثار ردود فعل قوية من بوركينا فاسو والسنغال، اللتين خرجتا عن صمتهما.
في بيان لها، أعربت وزارة الخارجية السنغالية عن استغرابها من نشر السفارة الأوكرانية لهذا الفيديو الدعائي، وأدانت المنشور الذي قدم دعماً لا لبس فيه للهجوم الإرهابي على القوات المسلحة المالية، ما أدى إلى خسائر بشرية كبيرة.
وأكدت السنغال، التي تتبنى موقف الحياد البناء في النزاع الروسي الأوكراني، رفضها لأي محاولة لنقل الدعاية الإعلامية لهذا النزاع إلى أراضيها، مشددة على رفضها للإرهاب بجميع أشكاله وعدم قبولها لتبرير الإرهاب الذي يهدف إلى زعزعة استقرار دول شقيقة مثل مالي.
كما أثار نشر السفير الأوكراني لمقطع فيديو لأحد أعضاء المخابرات الأوكرانية، يؤكد مشاركة بلاده في الهجوم ضد الجيش المالي، رد فعل قوي من بوركينا فاسو، حيث أعربت وزارة الشؤون الخارجية هناك عن سخطها العميق وأدانت بشدة هذا العمل الداعم للتطرف.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، نقلاً عن مصدر عسكري مالي، أن عناصر من الحركات المسلحة المالية، المعروفة بـ"الإطار الاستراتيجي للدفاع عن شعب أزواد"، سافروا إلى أوكرانيا لتلقي تدريبات عسكرية، تضمنت استخدام طائرات مسيرة محلية الصنع ومجهزة بالمتفجرات.
وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلى أن تعاون كييف مع من أسمتهم "الإرهابيين في منطقة الساحل" ليس مفاجئاً، معتبرة أن أوكرانيا نفسها قد لجأت إلى الأساليب الإرهابية في مناسبات عديدة، داعية المجتمع الدولي إلى الانتباه لمثل هذه التصرفات.
إفريقيا مسرح للصراع
من جانبه قال الدكتور رامي زهدي، المتخصص في الشأن الإفريقي، إن أوكرانيا تشهد حربًا طويلة وممتدة مع روسيا، مدعومة من عدد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. هذا الصراع لا يقتصر على ساحة القتال فقط، بل يمتد بأشكاله الاقتصادية والاستراتيجية إلى خارج نطاق القارة الأوروبية، لتكون القارة الإفريقية إحدى مسارحه.
أضاف زهدي في تصريحات خاصة لـ " وادي النيل"، أنه في ظل هذا السياق، تبنت أوكرانيا استراتيجية جديدة لتعميق علاقاتها وتواجدها في إفريقيا، ما تجلى في زيادة عدد سفاراتها هناك مؤخرًا،و لكن هذا التواجد الأوكراني لم يكن مرحبًا به في بعض الدول الإفريقية، خاصة في منطقة الساحل والصحراء، مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث تعترض هذه الدول على ما تعتبره تدخلاً غير مقبول في شؤونها الداخلية ودعمًا لجماعات معادية لجيوشها الوطنية.
أكمل، لقد تجلى هذا التوتر في اعتراض حكومة السنغال على فيديو نشره السفير الأوكراني، يتضمن تعليقات عدائية ضد الجيوش الوطنية في مالي، معتبرةً هذا التصرف تجاوزًا غير مقبول للأعراف الدبلوماسية.
واختتم المتخصص في الشأن الإفريقية، لقد تتوقع الدول الإفريقية التي تتبنى موقف الحياد في الحرب الروسية الأوكرانية، مثل السنغال التي سبق أن طرحت مبادرة إفريقية لحل الأزمة، سلوكًا مماثلًا من طرفي الصراع يتسم بالحيادية والتقدير.