فرصة السودان الأخيرة لإنهاء الحرب
بقلم: أبوبكر عابدين
بينما كنت أنوي الكتابة عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها شعبنا السوداني، استوقفتني التقارير الأممية الأخيرة التي تعكس حقيقة الواقع المؤلم. لم يغب عن ذهني ما كتبه الأديب المصري يوسف إدريس في كتابه "فقر الفكر وفكر الفقر"، وتذكرت أيضًا كتاب الشهيد فرج فودة "قصد الجهل وجهل القصد". كلاهما يلخصان الوضع الذي نعيشه اليوم في السودان.
الحرب المدمرة التي تشهدها بلادنا لم تكن مفاجأة إلا لأولئك الذين لم يقرأوا مقدماتها. هذه الحرب هي نتيجة لتراكم السياسات الخاطئة منذ الاستقلال في ديسمبر 1954. فشل النخب السودانية في استيعاب مرحلة ما بعد الاستقلال كان القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث تبعت فترات حكم سياسية قصيرة بانقلابات عسكرية طويلة.
لقد أدت هذه السلسلة إلى الفقر الفكري في معالجة الأزمات وإلى تبديد ثرواتنا، لنجد أنفسنا في نهاية المطاف نعيش في بلد غني بالموارد لكنه يعاني من الفقر المدقع. هذا الفشل الذريع يعكس العجز الفكري للنخب السياسية التي قادتنا إلى الاقتتال والدمار في صورة همجية تجسد الانحدار الأخلاقي الذي وصلنا إليه.
لكن اليوم، نحن أمام فرصة أخيرة بعد تقرير الأمم المتحدة الأخير، وهذه الفرصة تمثل "الزمن بدل الضائع" وفق قوانين كرة القدم. يمكننا أن نسجل الهدف الذهبي ونعلن فوز السودان بعودة السلام وإنهاء الحرب إذا اخترنا الحوار كوسيلة حضارية لحل النزاع، قبل أن يُفرض علينا الحل من الخارج.
الاقتتال الداخلي لن يجلب الحلول، بل يزيد من تعقيد الأمور. علينا أن ندرك أن تحدي المجتمع الدولي ليس في مصلحتنا، فنحن نعاني من مشاكل أساسية مثل الأمراض والأزمات الاقتصادية. وفي نفس الوقت، يجب أن نبتعد عن التفكير العاطفي الذي يقود البعض للاعتقاد بأن القوى العالمية تهتم لمصلحتنا.
ندعو كل الفرقاء في السودان إلى اغتنام هذه الفرصة الأخيرة والجلوس للحوار لتنفيذ اتفاق جدة، وقطع الطريق على التدخلات الأجنبية التي قد تفرض هيمنتها على أرضنا.