سياسات ترامب التوسعية.. كيف ترتبط المصالح الاقتصادية الأمريكية بالأولغارشية العالمية؟

سياسات ترامب التوسعية..  كيف ترتبط المصالح الاقتصادية الأمريكية بالأولغارشية العالمية؟
دونالد ترمب الرئيس الأمريكي - وادي النيل

بقلم: د. كمال دفع الله بخيت الباحث في العلاقات الدولية والتنمية

تعتبر السياسة الخارجية الأمريكية أحد العوامل الرئيسية التي تشكل العلاقات الدولية في العصر الحديث. وقد شهدت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، سواء خلال ولايته الأولى أو بعد عودته الثانية هذا العام، تحولات كبيرة في السياسة الأمريكية، حيث تم التركيز على الهيمنة على الممرات البحرية والمواقع الاستراتيجية حول العالم. لكن ماذا لو كانت هذه السياسات تُستند إلى شبكة من المصالح الاقتصادية الخاصة، التي تعكس نموذجًا حديثًا للأولغارشية العالمية؟

هذا المقال يستعرض كيفية ارتباط الاستثمارات الاقتصادية الخاصة بترامب عالميًا بهذه السياسات التوسعية، وكيفية دمج الطموحات السياسية مع مصالح كبرى الشركات، مما يؤدي إلى إعادة صياغة السياسات الأمريكية لخدمة نخبة ضيقة من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ.

ترامب والسياسات التوسعية: من غرينلاند إلى غزة

تبنت إدارة ترامب سياسة خارجية أكثر عدوانية، تجلت في عدة تحركات استراتيجية لتعزيز الهيمنة الأمريكية عالميًا، مع التركيز على الجانب الاقتصادي الربحي لهذه السياسات.

غرينلاند: الأطماع الاقتصادية والاستراتيجية

أحد أبرز هذه التحركات كان عرض ترامب شراء جزيرة غرينلاند، التابعة للدنمارك، نظرًا لأهميتها الجيوسياسية واحتياطاتها من المعادن والموارد الطبيعية. ورغم الرفض الدنماركي، إلا أن المحاولة عكست رغبة واشنطن في توسيع نفوذها بالقطب الشمالي، في مواجهة التنافس الدولي المتزايد على هذه المنطقة.

المطالبات الجغرافية المثيرة للجدل

لم تتوقف محاولات التوسع عند غرينلاند، إذ شهدت سياسات ترامب مطالبات أخرى، مثل:

إعادة تسمية خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"، ما أثار جدلًا بين الدول المطلة عليه.

السعي لفرض سيطرة أكبر على قناة بنما، التي تُعد ممرًا حيويًا للتجارة العالمية.

مقترحات بشأن قطاع غزة، والتي اعتُبرت جزءًا من السعي الأمريكي للسيطرة على الأراضي الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

العالم "يغلي مثل قدر من العصيدة"

هذه التحركات المتسارعة جعلت العالم في حالة اضطراب شديد، حيث تتزايد التوترات الجيوسياسية بفعل السياسات الأمريكية غير المتوقعة، مما يزيد من مخاطر اندلاع صراعات جديدة بين القوى الكبرى.

الأولغارشية العالمية: المصالح الاقتصادية في قلب السياسة

إذا كانت سياسات ترامب قد أثارت الجدل عالميًا، فإن الرابط بينها وبين مصالح رجال الأعمال الأمريكيين والأولغارشيين الدوليين يصبح أكثر وضوحًا عند النظر في استثمارات ترامب وشركائه.

كان ترامب جزءًا من شبكة عالمية من الأعمال، وعكست بعض قراراته مصالحه الشخصية ومصالح نخبة رجال الأعمال.

تبنت إدارته سياسات تدعم توسع الشركات الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، مما وفر فرصًا استثمارية جديدة.

اتضح أن السياسة الأمريكية لم تقتصر على حماية مصالح الدولة، بل امتدت لحماية مصالح الأولغارشية الاقتصادية العالمية.

المخاطر والآثار المترتبة على السياسات التوسعية

1. التوترات الجيوسياسية:

قد تؤدي محاولات واشنطن للسيطرة على ممرات استراتيجية، مثل قناة بنما وسواحل البحر المتوسط، إلى تصاعد الخلافات مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا.

زيادة احتمالات نشوب صراعات عسكرية تهدد الاستقرار العالمي.

2. التقلبات الاقتصادية:

عرقلة التجارة العالمية نتيجة فرض قيود على الممرات البحرية.

استغلال المواقف الجغرافية لتحقيق مكاسب اقتصادية ضيقة، مما يضر بالاقتصاد العالمي.

3. الأزمات الإنسانية في الشرق الأوسط:

قد تؤدي السياسات الأمريكية إلى تفاقم النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بدلًا من تسويته.

التركيز على الأبعاد العسكرية والسياسية يتجاهل الحلول الإنسانية، مما يزيد من الأزمات المحلية والإقليمية.

التوقعات المستقبلية: تحولات في السياسات الأمريكية؟

إذا استمرت هذه السياسات التوسعية، فسيكون العالم أمام مرحلة جديدة من التنافس الدولي والصراعات المحتملة. ومن المرجح أن تواجه واشنطن مقاومة متزايدة من القوى العالمية الأخرى، مما قد يؤدي إلى:

تغيير أسلوب ممارسة السياسة في الولايات المتحدة.

تآكل مصداقية أمريكا كداعم للنظام الدولي القائم على القوانين.

تصاعد الاعتماد على القوة العسكرية والتوسع الاقتصادي لفرض الإرادة الأمريكية.

ختامًا

تعكس سياسات ترامب التوسعية اندماجًا غير مسبوق بين السياسة والمصالح الاقتصادية للأولغارشية العالمية. وبينما تواصل الولايات المتحدة سعيها للهيمنة على الممرات الاستراتيجية والموارد العالمية، فإن تداعيات هذه السياسات ستظل موضع جدل عالمي، مع تصاعد التوترات والمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية التي قد تعيد تشكيل النظام الدولي في السنوات القادمة.