سجال ودي مع نقاد رواية «إعدام جوزيف» (3-4)

بقلم: الدكتور ضيو مطوك ديينق وول
يقول المفكر والكاتب والأديب الفلسطيني عزمي بشارة:
"القومية العربية ليست رابطة دم ولا عرق، بل هي جماعة متحلية بأدوات اللغة ووسائل الاتصال الحديثة...".
فإذا أخذنا بهذا التعريف، نجد أن الكاتب الذي يتقن اللغة العربية ويكتب بها يمكن أن يُصنف كأديب عربي، مثل غيره من عمالقة الأدب العربي الذين سبقوه.
أشكّ في أن المهندس بدرالدين قد قرأ رواية "إعدام جوزيف" قبل أن يحكم عليها؛ ربما أخذه انطباعٌ مسبق بأن كاتبها لا يمكن أن يكتب رواية باللغة العربية، وهو ذات المنطق الذي استخدمه الدكتور أبوالقاسم قور في مراسلاته مع الأستاذ الصادق علي حسن.
قلت هذا الكلام بعدما طالعتُ مقابلة صحفية للمهندس بدر الدين، حيث قال:
"في تقديري الشخصي، تقوم الرواية أو أي عمل فني أدبي على بعض النقاط: الوحدة الموضوعية، الشخوص المحوريون، الشخوص غير المحوريين، عنصر المفاجأة، هيكل النص، جوهر القضية النصية، واللغة المكتوب بها النص. ويمكنك مراجعة التفاصيل السابقة، فبها أطمئن لتسمية العمل رواية بغض النظر عن جودتها أو رداءتها...".
أتفق معه في ذلك، وأضيف أهمية عنصري الزمان والمكان في السرد الروائي.
أين تقف رواية "إعدام جوزيف" من هذه النقاط؟
هذا السؤال أتركه للنقاد الذين قرأوا الرواية أو سيقرؤونها للإجابة عليه.
كنت أتمنى أن يقدم الأستاذ الأجيال البروفيسور أبوالقاسم قور حامد، أستاذ النقد والفلسفة وثقافة السلام بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، رؤيته النقدية للرواية، بدلًا من التركيز على شخصية كاتبها، الذي يعرفه منذ عقدين ولم يلتقِ به منذ ذلك الحين.
استغرب أن يتساءل قور عن كيفية تمكني من كتابة رواية بالعربية رغم خلفيتي الأكاديمية والهندسية، وكأن الكتابة موهبة حصرية لا تُكتسب بالممارسة أو التعليم! عشرون عامًا كفيلة لأي إنسان أن يتخصص في أي مجال يريد.
التحذير من الغيرة الأكاديمية
أذكر هنا نصيحة أستاذي المشرف على الدكتوراه، عندما قال لي:
"احذر من الغيرة غير المبررة في هرم العلم. بعض العلماء يتعمدون ألا يشتهر تلاميذهم حتى لا ينافسوهم...".
منذ ذلك اليوم وأنا أحرص على قول الحق والإنصاف في حق الآخرين، حتى إنني كتبت رواية "إعدام جوزيف" بهذا الفهم رغم عملي في حكومة المؤتمر الوطني — وهو موضوع له سلبياته وإيجابياته.
لا أعتقد أن البروفيسور قور يندرج ضمن هذه الفئة، ولكن كان من الأجدر به، من موقع تخصصه العلمي وخبرته كمراقب ومسؤول سابق في مفوضية حقوق الإنسان، أن يقدم رؤية نقدية للرواية بدلًا من التشكيك في قدرات كاتبها.
مساهمة أخرى من الأستاذ الصادق علي حسن
واجه الأستاذ الصادق معاناة كبيرة في تقديم نقد أدبي للرواية، وتعرض لاتهامات غير منصفة، رغم أن الأدب لا يعترف بالحدود الجغرافية.
ألم يكن اللبناني نعوم شقير هو أفضل مؤرخ للسودان الحديث؟
رواية "إعدام جوزيف" تتناول أحداثًا حصلت في السودان، ولكن لها تداعيات إنسانية أوسع، وهذا هو جوهر ما تناوله الصادق علي حسن في مقالاته.
قراءة أشرف أبو شمرة للرواية
الأستاذ أشرف أبو شمرة قدّم قراءة نقدية موضوعية وعميقة، حيث كتب:
"هل الرواية تقول إننا جميعًا ضحايا وسنلقى مصير جوزيف الجنوبي الذي عبد طريق الانفصال المبرر بالكراهية؟ وهل سيتكرر المصير مع جوزيف الشرق وجوزيف الغرب؟".
هذه الكلمات تختصر مضمون رسالة الرواية ببراعة.
خلاصة
رواية "إعدام جوزيف" لم تُكتب للسودان فقط، بل هي صرخة لكل الشعوب التي تنتهك فيها القوانين وحقوق الإنسان، وتمارس التمييز ضد مواطنيها. هي رسالة أدبية وإنسانية قبل أن تكون مجرد عمل روائي.