الدكتور عباس شراقي يكشف الكوارث البيئية الناتجة عن سيول السودان.. وكيف يحمي السد العالي مصر منه؟
مصر - وادي النيل
قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن هناك العديد من الولايات السودانية شهدت سيولاً وفيضانات واسعة، هي الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة، حيث امتدت هذه الأمطار شمالاً إلى مناطق في جنوب مصر مثل حوض وادي العلاقي وبحيرة السد العالي وأبو سمبل ومنطقة العوينات، وفي السودان، تأثرت بشكل خاص منطقة أبو حمد بولاية نهر النيل، ما أدى إلى انهيار آلاف المنازل ومقتل وإصابة العشرات.
أضاف شراقي عبر الصفحة الرسمية له على الفيسبوك، أن منطقة أبو حمد تعد من أكبر المناطق التعدينية في السودان، حيث يتم استخراج الذهب باستخدام طرق كيميائية معقدة، تنطوي هذه العملية على استخراج جرامات قليلة من الذهب من أطنان من الصخور المطحونة، وتخلف ورائها أكواماً ضخمة من المخلفات تحتوي على عناصر ثقيلة مثل الرصاص والزنك والنحاس والكبريت، إضافة إلى المواد الكيميائية المستخدمة مثل الزئبق؛ عند سقوط الأمطار، تجرف السيول هذه الرواسب نحو القنوات المائية والمزارع، مما يتسبب في تلوث البيئة والمياه الجوفية، ما يشكل خطراً كبيراً على صحة السكان والكائنات الحية في المنطقة.
أكمل أن التأثير البيئي لهذا التلوث يمتد أيضاً إلى خارج حدود أبو حمد، حيث تتدفق مياه السيول نحو بحيرة سد مروي الذي يسع حوالي 12 مليار متر مكعب من المياه، تترسب معظم هذه الرواسب في قاع البحيرة، بينما تصل كميات قليلة من الطمي والرواسب إلى بحيرة ناصر في مصر، لحسن الحظ، يلعب السد العالي دوراً مهماً في تقليل المخاطر البيئية، حيث تعمل مسافة 1000 كم التي تقطعها المياه على ترسيب معظم الرواسب والعناصر المتبقية قبل أن تصل إلى بحيرة ناصر، ما يسهم في تنقيتها قبل خروجها من بوابات السد.
تابع حديثه قائلاً:"مع استعادة السودان لاستقراره قريباً، هناك حاجة ملحة لتشريعات بيئية صارمة تلزم شركات التعدين بإعادة تغطية الصخور بعد استخلاص المعادن وتشجير المناطق المتأثرة لتثبيتها. يمكن الاستفادة من تجارب دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي فرضت قوانين صارمة تجبر شركات التعدين على إعادة الصخور المستخرجة إلى باطن الأرض لتجنب تعرضها للأمطار والتسبب في تلوث البيئة. هذه الإجراءات قد تكلف الشركات مبالغ ضخمة، مما دفع بعضها للعمل في دول ذات تشريعات بيئية أقل صرامة مثل المكسيك وأمريكا الجنوبية وبعض الدول الأفريقية".
اختتم ، أن السد العالي يثبت مجدداً أنه ليس مجرد مشروع هندسي ضخم، بل هو خط دفاع حيوي لحماية البيئة من آثار التلوث التي قد تنجم عن الأنشطة البشرية غير المنظمة في المناطق المجاورة.