ماذا يحدث اذا لم يشارك الجيش السوداني في مفاوضات جنيف؟
خاص - وادي النيل
قال الإعلامي والباحث السوداني الدكتور حسين حسن حسين، إن اليوم نشهد تسابقًا محمومًا بين طرفي الحرب في السودان لإثبات الشرعية، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق عبدالفتاح البرهان يصرُّ على أن يكون التعامل معه على أنَّه رئيس البلاد، وبهذه الصفة زار رواندا وأنغولا، وعقد اجتماعات مع عدد من رؤساء الدول حسب المصادر الرسمية، وفي الوقت نفسه يدعي قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) أنه حامي حمى الديمقراطية، ويصرُّ على إجراء تحقيق لمعرفة من أطلق الرصاصة الأولى في هذا الحرب.
شروط البرهان
أضاف «حسين» في تصريحات خاصة لـ "وادي النيل"، أن البرهان شدد على أهمية تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في منبر جدة، وعلى أن تكون المشاركة حكومية لا مقتصرة على قيادة الجيش، وكذلك يؤكد أهمية تنفيذ بنود اتفاق جدة، ومن أهمها خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية، ولعله يعترض أيضًا على مشاركة الإمارات العربية المتحدة، بسبب ما يراه من تقديمها الدعم للقوات المتمردة، حسب الوصف السوداني الرسمي.
وأكمل حديثة قائلاً:" أن هناك من يرى أن منبر جنيف قد يجب ما سبق من اتفاق تراه الحكومة السودانية مهمّاً وواجب النفاذ، وتضيف عليه الانسحاب من كل الولايات التي احتلتها الدعم السريع، ويبدو هذا الشرط تعجيزيّاً، بوصف أن المدن المحتلة هي نتائج عسكرية تلت اتفاق جدة وما يحيّر المتابعون تردد الفريق البرهان بين الموافقة والرفض، حسب خطاباته في مواقع متعددة، وتصريحاته للإعلام، ولكن تتبدد الحيرة لدى المتابعين للمشهد السوداني، حيث الانشقاق بين المؤيدين والرافضين خصوصًا في الحركة الإسلامية الداعمة للقوات المسلحة عسكريّاً، إذ يري بعض أعضائها أهمية الاتفاق على السلام لرفع معاناة الشعب السوداني".
لفت إلى أن هناك يرى آخرون أن لا سلم مع الدعم السريع، الذي يجب أن يختفي تمامًا بالقوة العسكرية من الساحة السودانية، وهذا ما يراه دعاة السلم مستحيلاً على الأقل في الوقت الحالي، الذي يجب أن تُعطى فيه الأولوية لإيقاف إطلاق النار، لشدّة معاناة السودانيين، ممن ظلّوا في بيوتهم تحت وابل القصف الذي يذهب كل يوم أرواحًا كثيرة، أو أولئك النازحين واللاجئين، الذين يُقدرون بالملايين، ويعيشون ظروفًا صعبة، في ظل القوانين والأنظمة المكبلة لهم في دول اللجوء خاصة".
معاناة الشعب السوداني
أشار إلى أن الفيضانات والسيول تضيف عبئًا جديدًا على الشعب السوداني، ومن كوارثها التلوث البيئي الذي شمل أماكن التنقيب عن الذهب في عدد من الولايات، حيث اختلط السيانيد والزئبق بمياه الشرب، وهذا ما ينبئ بكارثة إنسانية غير مسبوقة، تضاعف كارثة الحرب في المستويات كافة،وإزاء هذا الوضع المأساوي يأتي رفض القوات المسلحة المشاركة في مباحثات معنية في المقام الأول بالجانب الإنساني، ولعل موافقة الدعم السريع، مع خطاب قائده المرحب بالسلام، يضاعفان العبء على قيادة الجيش، التي تُصنف - حسب من يرفعون شعار لا للحرب/ بأنَّها تقف ضد مصلحة الشعب المغلوب على أمره، الذي يعاني الويلات من نتائج الحرب، وهي - أي قيادة الجيش- في حقيقة الأمر بين نار التوجه من أجل تخفيف العبء على المواطنين، ونظرها في الوقت نفسه على أنَّ المفاوضات تمنح الدعم السريع الشرعية، وتجعلها ندًا لها، وتتيح لتلك القوات المتمردة القفز من اتفاق جدة، وبعثرة الأوراق، ويُضاف إلى ذلك ضغوط الرافضين، وأصحاب نظرية "البل" (أي أن تكون المعارك والقضاء على الدعم السريع الهدف الرئيس) على الفريق البرهان تحديدًا.
ترحج في المشاركة
واختتم الباحث السوداني، أن هناك ترجيحًا لمشاركة قيادة الجيش، أو ممثلين لها في مفاوضات جنيف، إلا أن عدم المشاركة قد يعني ممارسة الوسطاء الإقليميين والدوليين مزيدًا من الضغط على البرهان، لكن قد يكون الاتحاد الأفريقي ظهيرًا له، وهو يحرص على أن تكون الحلول أفريقية، وما هو محقق بالفعل على أرض الواقع في كل الأحوال معاناة الشعب السوداني الذي يعيش ويلات الحروب والنزاعات منذ الاستقلال، بايادّ سودانية، وبدعم دول تشعل فتيلها، ولكل منها أهدافها.