خبير سوداني يكشف لـ «وادي النيل».. التحديات التي تعيق دعم المجتمع الدولي للسودان وسبل التغلب عليها
يشهد السودان في الوقت الحالي أزمة اقتصادية وإنسانية حادة تفاقمت بفعل الصراع العسكري الدائر في البلاد. هذه الأزمة أثرت بشكل كبير على حياة الملايين من المواطنين، حيث تواجه البلاد نقصًا حادًا في الموارد الأساسية وارتفاعًا في معدلات النزوح والبطالة.
ورغم الحاجة الماسة إلى الدعم الدولي لمساعدة السودان في تجاوز هذه المحنة، إلا أن هناك عدة عقبات تمنع المجتمع الدولي من تقديم الدعم المالي المطلوب. تتنوع هذه العقبات بين مخاوف من سوء استخدام الأموال، وتعقيدات سياسية، وصراعات داخلية.
وللتغلب على هذه التحديات، يتطلب الأمر من السودان اتخاذ خطوات جادة وفعالة لتحسين علاقاته مع المجتمع الدولي وضمان استخدام المساعدات بشكل شفاف وفعّال.
أسباب عدم تقديم الدعم
من جانبه قال الدكتور كمال دفع الله بخيت، المحلل السياسي السوداني، إن هناك العديد من الأسباب المحتملة التي تمنع المجتمع الدولي من تقديم الدعم المالي للسودان في الوقت الحالي.
أضاف «بخيت» في تصريحات خاصة لـ «وادي النيل» أن هذه الأسباب تنبع من مخاوف سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى عوامل تتعلق بالتوترات العسكرية والداخلية. يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى عدة نقاط رئيسية:
1. مخاوف من سوء استخدام الدعم المالي:
يعتقد بعض الدول أن أي دعم مالي يقدم للسودان قد يُستخدم لتمويل الحرب والعمليات العسكرية بدلًا من توجيهه للأغراض الإنسانية وعمليات إعادة الإعمار في المناطق المتضررة. هذه المخاوف مبررة بسبب التقارير التي تشير إلى عدم توزيع المساعدات الإنسانية بشكل عادل أو فعال، حيث وصلت بعض المساعدات إلى ميناء بورتسودان لكنها لم تُوزع على النازحين والمتضررين كما كان متوقعًا.
2. تعقيدات السياسة الدولية:
تعقيدات السياسة الدولية تلعب دورًا كبيرًا في منع تقديم الدعم المالي. بعض الدول الغربية قد تفضل ترك النزاع في السودان يستمر بهدف استنزاف الأطراف المتحاربة وضمان تحقيق مكاسب سياسية بعد انتهاء النزاع. هذا التوجه يعكس رؤية بعض الدول التي تسعى لضمان ولاء الأطراف النافذة بعد انتهاء الحرب، بدلاً من التدخل المباشر الآن.
3. المصالح السياسية للدول العربية:
الدول العربية الغنية قد تكون مترددة في دعم الحكومة السودانية بسبب الوضع العسكري المعقد في السودان، وجود قوات "الدعم السريع" التي تقاتل الجيش السوداني على جبهات متعددة، بعضها بالقرب من الحدود مع هذه الدول، يجعلها تتردد في تقديم دعم مالي قد يعزز من قوة طرف على حساب آخر، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة.
4. نقص الجهود السودانية في استقطاب الدعم:
هناك تقصير من قبل بعض المسؤولين السودانيين في استقطاب الدعم الخارجي، سواء من خلال تقديم خطط واضحة وشفافة لاستخدام هذا الدعم أو من خلال تحسين العلاقات مع الدول الغربية والمنظمات الدولية. بعض التصريحات الرسمية قد تكون أثرت سلبًا على هذه العلاقات، مما جعل المجتمع الدولي مترددًا في تقديم الدعم.
5. ضعف التخطيط والاستخدام الفعّال للمساعدات:
يشير الخبراء الدوليون إلى ضرورة وجود برنامج واضح وخطة جلية من الحكومة السودانية لاستخدام الأموال بشكل فعال ومهني. هذا يشمل تقديم بيانات دقيقة وشفافة حول كيفية استخدام المساعدات. التقارير التي تتحدث عن سوء توزيع المساعدات أو عدم وصولها إلى مستحقيها تعزز من المخاوف الدولية وتقلل من الثقة في قدرة السودان على استخدام الدعم المالي بشكل صحيح.
الحلول المقترحة:
قدم المحلل السياسي السوداني، لمواجهة هذه التحديات، على السودان اتخاذ خطوات فعّالة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وجذب الدعم المالي. يمكن أن تشمل هذه الخطوات:
1. تقديم ضمانات شفافة: على السودان تقديم خطط واضحة ومفصلة حول كيفية استخدام الدعم المالي، مع التأكيد على توجيهه نحو الأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار فقط.
2. تعزيز الدبلوماسية: يجب على السودان تعزيز الجهود الدبلوماسية مع الدول الغربية والمنظمات الدولية لتحسين العلاقات واستقطاب الدعم.
3. إصلاح الإدارة الداخلية: يجب تحسين آليات توزيع المساعدات وضمان وصولها إلى مستحقيها، مما قد يساعد في بناء ثقة المجتمع الدولي.
4. تنويع مصادر التمويل: النظر في تنويع مصادر التمويل من خلال إقامة شراكات اقتصادية مع دول أخرى أو منظمات دولية غير حكومية.
باتباع هذه الحلول وغيرها، يمكن للسودان أن يتخطى العوائق الحالية ويحقق تقدمًا في جذب الدعم الدولي اللازم للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد في ظل النزاع العسكري الدائر.