أزمة الديمقراطية الأمريكية وتأثيراتها المحتملة على الشرق الأوسط و أفريقيا

 أزمة الديمقراطية الأمريكية، الشرق الأوسط، أفريقيا

 أزمة الديمقراطية الأمريكية وتأثيراتها المحتملة على الشرق الأوسط و أفريقيا
الديمقراطية الأمريكية و تأثيرها على منطقة الشرق الأوسط و أفريقيا (وادي النيل)

بقلم الدكتور كمال دفع الله بخيت 

في ظل الأحداث السياسية الحالية في الولايات المتحدة، تتزايد المخاوف الدولية من إمكانية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2024. هذه المخاوف تتجاوز الحدود الأمريكية، حيث إن التوترات والانقسامات داخل المجتمع الأمريكي لها تداعيات كبيرة على الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي، وخاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

 أزمة الديمقراطية الأمريكية

يشعر المجتمع الدولي بقلق متزايد من انغلاق الولايات المتحدة على نفسها إذا فاز دونالد ترامب بالرئاسة مرة أخرى. ومع ذلك، يبقى القلق الأكبر هو العلامات الواضحة على تراجع الديمقراطية الأمريكية نفسها. في خطابه لقبول ترشيح الحزب الجمهوري، أكد ترامب على الحاجة إلى الشفاء من الفوضى والانقسام في المجتمع الأمريكي، في حين يرى العديد من الديمقراطيين أنه يشكل تهديداً "وجودياً" للقيم الديمقراطية.

هذا الانقسام يتجلى في استطلاعات الرأي، حيث وجد مسح أجرته مؤسسة بيو للأبحاث عام 2022 أن أكثر من ثلثي الجمهوريين والديمقراطيين يرون بعضهم البعض كغير أخلاقيين وغير صادقين. تاريخياً، كانت أكبر قوة للديمقراطية الأمريكية تكمن في روح التعاون بين الحزبين، إلا أن هذه الروح باتت تتلاشى في السنوات الأخيرة.

التأثيرات على السياسة الخارجية

الاضطرابات الداخلية في الولايات المتحدة أثرت بشكل واضح على مصداقيتها الدولية. فقد أدى انسحاب إدارة ترامب من اتفاقية باريس للمناخ عام 2020، إلى تآكل الثقة في التزام الولايات المتحدة بالقضايا العالمية. كما أن تهديدات سحب القوات الأمريكية من الخارج أو تقليص التزاماتها في حلف الناتو، أثارت قلق الحلفاء وشركاء واشنطن التقليديين.

وفقاً لدراسة مسحية أجرتها مؤسسة بيو في أوائل عام 2024، أشار 21% فقط من المشاركين من 34 دولة إلى أن الولايات المتحدة تمثل مثالاً جيداً للديمقراطية، مقارنة بـ 40% الذين قالوا إنها كانت كذلك لكنها لم تعد كذلك في السنوات الأخيرة.

 التحديات أمام النظام الدولي الليبرالي

الانقسامات السياسية في الولايات المتحدة ليست مجرد مشكلة داخلية؛ فهي تؤثر على قدرتها على دعم القيم الليبرالية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذا الضعف يمكن أن يشجع الأنظمة الاستبدادية حول العالم، مثل روسيا والصين، على تحدي النظام الدولي الليبرالي. كما قد تستغل كوريا الشمالية هذه الفوضى السياسية للترويج لنظامها الشمولي كبديل أكثر استقراراً.

 التأثيرات على الشرق الأوسط

1. الاستقرار الإقليمي: إذا استمرت الأزمات السياسية في الولايات المتحدة، قد يؤدي ذلك إلى تقليص قدرتها على تقديم دعم ثابت لحلفائها في الشرق الأوسط. دول مثل دول الخليج والأردن قد تجد نفسها في موقف ضعيف في حال سحب القوات الأمريكية أو تقليص التزاماتها العسكرية.

2. التوازنات الإقليمية: ضعف المصداقية الأمريكية قد يؤدي إلى تعزيز دور القوى الإقليمية الأخرى مثل إيران وتركيا، اللتين قد تسعيان إلى ملء الفراغ الناجم عن تراجع النفوذ الأمريكي، مما يعقد التوازنات الإقليمية ويزيد من التوترات.

 التأثيرات على أفريقيا

1. الأمن والتنمية: قد يؤدي تراجع التزام الولايات المتحدة بالديمقراطية وحقوق الإنسان إلى تقليص المساعدات التنموية والدعم الأمني للعديد من الدول الأفريقية، مما قد يؤثر سلباً على استقرار هذه البلدان وتطورها.

2. الاستثمارات الاقتصادية: قد يؤثر تراجع الاهتمام الأمريكي في القضايا العالمية على تدفقات الاستثمارات الاقتصادية إلى أفريقيا، حيث تعتمد العديد من الدول الأفريقية على الاستثمارات الأجنبية لتحقيق النمو الاقتصادي.

 

الخاتمة

التغيرات في السياسة الأمريكية ليست مجرد مسألة محلية، بل لها تأثيرات عالمية واسعة. من الضروري أن تستعد دول الشرق الأوسط وأفريقيا لمواجهة أي تغييرات محتملة في السياسات الأمريكية من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والبحث عن شراكات جديدة، لمواجهة التحديات التي قد تنجم عن الأزمات السياسية في الولايات المتحدة.