مفاوضات جنيف لوقف حرب السودان: تهديدات متعده وأمل في الحلول

مفاوضات جنيف لوقف حرب السودان: تهديدات متعده وأمل في الحلول
السودان

بقلم: الدكتور كمال دفع الله بخيت 

عندما يتعلق الأمر بإنهاء النزاعات المسلحة، تلعب المفاوضات دورًا حاسمًا في تجنب الكوارث الإنسانية والسياسية. على مر التاريخ، أثبتت المفاوضات قدرتها على إنهاء الصراعات الداخلية بطرق غير متوقعة. من أبرز الأمثلة اتفاقية "أروشا" التي أنهت الحرب الأهلية في رواندا عام 1993، واتفاقية "كولومبو" التي أوقفت النزاع الداخلي في سريلانكا عام 2002، والمفاوضات التي أدت إلى وقف النزاع في نيكاراغوا في الثمانينيات. ورغم تعقيد المفاوضات وتحدياتها، إلا أن الدروس المستفادة من هذه التجارب تعزز الأمل في إمكانية تحقيق السلام حتى في أصعب الظروف.

 مفاوضات السودان: أمل في السلام

في السودان، حيث يتصارع الجيش الوطني ومليشيا الدعم السريع شبه العسكرية منذ أبريل 2024، تتركز المفاوضات الحالية التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية، مدعومة من مصر وإثيوبيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، في جنيف منذ 14 أغسطس 2024، على وضع حد للأعمال العدائية، والبحث عن حلول سلمية، وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة. وتؤكد تجارب الماضي أن التحديات التي تواجه المفاوضات السودانية ليست جديدة، وأن الأمل في تحقيق السلام يبقى قائمًا رغم الصعوبات.

 أهداف مفاوضات جنيف: السعي لإنهاء النزاع

أهداف مفاوضات جنيف تتضمن التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية بشكل فوري للحد من الخسائر البشرية والأضرار المادية. كما تسعى إلى إيجاد حلول سلمية للخلافات بين الأطراف المتنازعة بدلاً من استمرار النزاع المسلح. وتشمل الأهداف أيضًا إعادة بناء الثقة بين الأطراف من خلال إجراءات لبناء الثقة مثل تبادل الأسرى وتنفيذ إجراءات إنسانية.

وبعد وقف العمليات الحربية، تبدأ عملية الحل السياسي الشامل التي يجب أن تشمل جميع المكونات المؤثرة في السودان، بما في ذلك القوى المدنية بكافة أطيافها. يتم التركيز على هيكل الحكم، ودمج القوات المتقاتلة، والإصلاحات اللازمة لضمان استقرار البلاد. كما تشمل العملية وضع استراتيجيات لإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية وضمان عدم تكرار النزاع.

 تداعيات فشل المفاوضات

في حال فشل المفاوضات، ستكون التداعيات خطيرة ومتعددة الأبعاد على الأوضاع العسكرية والسياسية والإنسانية والأمنية في السودان. على الصعيد العسكري، سيؤدي الفشل إلى تصعيد النزاع وزيادة الخسائر البشرية والمادية، وقد تنضم أطراف ثالثة إلى النزاع، مما يعقد الوضع.

سيؤدي الفشل أيضًا إلى تعميق حالة الفراغ السياسي وزيادة الانقسامات بين الجماعات السياسية، مما يعوق جهود الإصلاح السياسي. أما على الصعيد الإنساني، فإن الأزمات مثل نقص الغذاء والماء والمأوى ستتفاقم، مع تزايد أعداد اللاجئين والمشردين داخليًا. وعلى الصعيد الأمني، سيؤدي الفشل إلى تفشي الفوضى وانتشار الجماعات المسلحة والجريمة المنظمة.

 الأمل في نجاح المفاوضات: عوامل تدعم إمكانية التوصل إلى اتفاق

رغم التحديات التي تواجه مفاوضات جنيف بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، إلا أن هناك عدة عوامل تدعم إمكانية استمرار المفاوضات وتحقيق تقدم. أولاً، تعقيد المفاوضات يستلزم وقتًا طويلاً وقد تكون الجولة الأولى مجرد بداية لمفاوضات أطول. ثانيًا، الاستعداد لجولات إضافية يتيح فرصة لبناء الثقة وتقديم تنازلات. ثالثًا، الضغط الدولي يشكل عاملًا محفزًا للأطراف المتنازعة للعمل بجدية للتوصل إلى اتفاق.

في النهاية إنهاء النزاع يتطلب وقتًا وصبرًا، والجولة الأولى من المفاوضات قد لا تكون حاسمة. تعثر المفاوضات لا يعني الفشل بالضرورة، بل قد يكون بداية لفرص جديدة نحو السلام.