خالد رحمة الله يكتب: الطريق إلى نوافذ أبو دليق
"ليس لنا في الحنين يد... وفي البعد كان لنا ألف يد... سلام عليك" - محمود درويش.
بقلم: المستشار خالد رحمة الله
بدأت رحلتي إلى أبو دليق بصحبة ابن شقيقي، طلحة، الذي كان يرافقنا بهدف زيارة أعمامه وعماته وأبناءهم. أراد أيضًا أن يكتسب خبرة في القيادة على الطرق الوعرة، ليكون قادرًا على مساعدتنا في المستقبل. انطلقنا شرقًا عبر ولاية الخرطوم حتى وصلنا إلى نهاية طريق معبد في منطقة "عد بابكر". هنا، تولى طلحة قيادة السيارة، ولكن لم تمضِ لحظات حتى بادرنا بسؤال استفزازي عن قبيلتنا، مما أثار استياءنا. اعتذر الشاب بسرعة وبلباقة، معترفًا بأنه لم يرنا من قبل. قبلنا اعتذاره، وأوضحنا له أننا من عائلة "دقمة".
بعد أن عرف طلحة بنا، تبسم وقال: "يعني أنتم أعمام الباحت". الباحت، أو عبد العظيم ابن أخي الراحل أحمد، كان مشهورًا بصفات متناقضة؛ من الجود والكرم إلى الشر المتطاير. اكتسب لقبه من سمات قارض يقضي على الأخضر واليابس.
وأثناء الطريق، سألنا سائقنا: "هل ترغبون في الوصول بسرعة؟" أجبناه: "بالتأكيد، لكن نود أن نمر على الشيخ حسن ود حسونة". كان هذا الطلب جزءًا من رغبتي في زيارة أحد الأصدقاء القدامى الذي انقطعت صلتي به منذ زمن بعيد، وقد جمعتنا صداقة منذ مرحلة الثانوية العامة بمدرسة العيلفون الثانوية.
زيارة الأضرحة والقباب أصبحت عادة مترسخة عندي منذ الطفولة، بدءًا من أبو دليق حيث كان من المعتاد زيارة القباب الثلاثة: قبة الشيخ بدوي النشابي، الشيخ علي أبو دليق، والشيخ طلحة ود عبد الباقي. لم أقتصر على زيارة الأضرحة في بلادي فحسب، بل امتدت هذه العادة لتشمل العديد من البلدان التي زرتها. لقد زرت أضرحة الأنبياء والصالحين والعلماء وحتى الزعماء، من ضريح النبي محمد وصاحبيه أبو بكر وعمر، إلى مقامات الشيخ عبد القادر الجيلاني والإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، وغيرهم.
سلك سائقنا طريق السعيداب معيجنة، وهو طريق مختصر لكنه يحرمني من المرور بمنطقة "أبي زليق"، الذي كان طريقي المعتاد في الطفولة عبر اللور