كمال دفع الله بخيت يكتب: المبادرة التركية في السودان أفق السلام و الاستقرار

كمال دفع الله بخيت يكتب: المبادرة التركية في السودان أفق السلام و الاستقرار
الرئيس التركي و نظيره السوداني - وادي النيل

بقلم: د. كمال دفع الله بخيت 

تعد المبادرة التركية للتوسط بين الحكومة السودانية والإمارات تحولًا مهمًا في المشهد السياسي الإقليمي، حيث تأتي في خضم النزاع المستمر في السودان الذي أثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار في البلاد. في هذا السياق، تنظر الأطراف المعنية إلى هذه المبادرة بشيء من الأمل، ولكن أيضًا مع توخي الحذر بشأن نتائجها وإمكانيات نجاحها.

تستند هذه المبادرة إلى عملية دبلوماسية تمتد إلى اتصالات مباشرة بين القيادة التركية والسلطات السودانية، حيث أبدى قائد الجيش السوداني، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ترحيبًا بالمبادرة، مما يشير إلى انفتاحه على إجراء مباحثات تتعلق بإنهاء النزاع. يؤكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الاتصال على أهمية تحقيق السلام والاستقرار في السودان، مع الالتزام بحماية سيادة البلاد.

ترتبط هذه المبادرة أيضًا بدور الولايات المتحدة الأميركية التي أبدت اهتمامًا كبيرًا في دعم جهود السلام. فواشنطن تدعو الدول المؤثرة، مثل تركيا، للانخراط في هذه القضية، حيث تهدف إلى تحقيق تقارب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. يُنظر إلى تركيا كمحاور وسيط يمكن أن يسهم في تقليص التوترات وفتح قناة للحوار بين جميع الأطراف المعنية.

في هذا الإطار، هناك تعويل كبير على إمكانية إحياء منبر جدة للمفاوضات، الذي يمكن أن يكون نقطة انطلاق لتحقيق اتفاق شامل. كما يُتوقع أن قوات الدعم السريع قد تكون على استعداد لاستخدام مبادرة الوساطة التركية كفرصة لتقديم نفسها بشكل إيجابي أمام المجتمع الدولي، مما يدعم موقفها في المفاوضات.

تسعى تركيا من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز دورها كقوة مؤثرة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط وأفريقيا. فبعد نجاحاتها السابقة في التعامل مع الأزمات الإقليمية، يسعى النظام التركي لخلق انطباع بأنه يمكن أن يكون منقذا في الأزمات المعقدة، ومنها الوضع في السودان. وفي هذا السياق، فإن تركيا قد أثبتت فاعليتها في القرن الأفريقي، خاصة من خلال مبادرتها للوساطة بين الصومال وإثيوبيا، حيث قامت بجمع الزعماء الإثيوبي والصومالي للتفاوض على حل النزاعات العالقة. هذا النجاح يعزز صورة تركيا كساعٍ للسلام ويتيح لها توسيع نفوذها في المنطقة.

من جانب آخر، تمتلك الإمارات مصلحة كبيرة في استقرار الوضع في السودان نظرًا لعلاقاتها الاقتصادية والسياسية المعقدة مع البلاد. فالعلاقات بين السودان والإمارات تتضمن جوانب عسكرية واقتصادية، لذلك تُعتبر الإمارات بنظر الحكومة السودانية طرفًا يمكن التفاوض معه لتحسين الوضع ومتطلبات الأمن.

ورغم التفاؤل بنجاح هذه المبادرة، إلا أن هناك تحديات عدة تواجهها. تتمثل إحدى هذه التحديات في ضرورة وجود توافق بين كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع. كما تعتمد فرص النجاح على قدرة تركيا على إدارة الحوار بشكل فعّال وتحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء النزاع.

في الختام، تشير التوقعات إلى أن نجاح المبادرة التركية يعتمد إلى حد كبير على استمرارية التفاهم بين الأطراف المعنية والرغبة الفعلية في إجراء مفاوضات جادة. ومع ذلك، تبقى الظروف الإقليمية والدولية المتغيرة عاملًا مؤثرًا في مسار هذه المبادرة، مما يتطلب مراقبة متواصلة لأبعادها وتأثيراتها المحتملة في المستقبل.