تفكيك ونقد مقولة «جيش واحد- شعب واحد»
بقلم: أحمد محمود أحمد
في خضم الحرب الدائرة حاليًا في السودان، برز شعار "جيش واحد- شعب واحد" كشعار يهدف إلى توحيد الشعب خلف الجيش. إلا أن هذا الشعار يتسم بالعمومية والغموض ويفتقر إلى الدقة، حيث يسعى لتضليل الرأي العام وتبرير أفعال سلطة الأمر الواقع التي لا تمتلك الشرعية للتحدث باسم الشعب السوداني. الشعار لا يعكس الحقيقة على الأرض للأسباب التالية:
أولًا: الجيش ليس موحدًا
الجيش السوداني، كما هو معروف، منقسم على ذاته، خاصة مع وجود قوات الدعم السريع التي كانت جزءًا منه ولكنها تمردت في بداية الحرب. نتيجة لذلك، أصبح هناك جيشان متحاربان، أحدهما الجيش السوداني النظامي والآخر قوات الدعم السريع. كما شهد الجيش انشقاقات كبيرة من قبل ضباط وقادة كانوا سابقًا جزءًا من المؤسسة العسكرية النظامية وذهبوا لدعم قوات الدعم السريع، مما يكشف عن حالة من التمزق الداخلي والصراع المستمر داخل المؤسسة العسكرية.
ثانيًا: فقدان السلطة للشرعية
السلطة الحاكمة بقيادة عبد الفتاح البرهان لا تمتلك شرعية حقيقية، إذ لم تُفوض من قبل الشعب السوداني لتمثيله أو التحدث باسمه. وبالتالي، لا يمكنها استخدام هذا الشعار كوسيلة لفرض سلطتها أو شرعية مزعومة.
ثالثًا: انقسام الشعب السوداني
الحرب أدت إلى انقسام واضح بين فئات الشعب السوداني. هناك من يدعم الجيش، وغالبًا ما يكونون من الحركة الإسلامية وبعض أعضاء الحركات المسلحة، إلى جانب بعض المتحالفين أو المستفيدين. وعلى الجانب الآخر، هناك من يدعم قوات الدعم السريع لأسباب قبلية أو مناطقية، أو كرهًا للجيش. ولكن هناك أيضًا غالبية كبرى من الشعب ترفض الحرب بشكل قاطع وترى أن استمرارها يمثل خطرًا على البلاد والمواطنين.
رابعًا: صوت الشعب الحقيقي
انتشرت مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لامرأة سودانية من منطقة الشمالية، تحدثت مباشرة للبرهان خلال زيارته للمنطقة، معبرة عن إرهاق الشعب من الحرب ومطالبة بوقفها. هذه المرأة، رغم أنها تعبر عن نفسها، إلا أن صوتها يمثل الكثير من السودانيين الذين يعانون من ويلات الحرب، سواء كانوا نازحين أو مشردين أو يعيشون في مناطق الحرب. هؤلاء لا يربطهم شيء بالجيش أو الحرب، بل على العكس، يرون فيها مأساة تقتلهم وتدمر مستقبلهم.
في النهاية، الشعار "جيش واحد- شعب واحد" ليس سوى محاولة لطمس الحقائق وتضليل الرأي العام. فالحرب القائمة أثبتت أن الجيش منقسم، والسلطة غير شرعية، والشعب السوداني منقسم في مواقفه، ولكن الأغلبية ترفض الحرب وتسعى لوقفها وإحلال السلام في السودان.