الجيش السوداني فى امتحان جنيف بين مطرقة الفلول وسندان المجتمع الدولى
بقلم:محمد الأمين ابوزيد
تشهد الحرب العبثية فى السودان تطورات متسارعة ومعقدة على كافة الاصعدة العسكرية والانسانية والاقتصادية والسياسية..الخ مااستوجب التحرك الدولى والاقليمى تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف الحرب والوصول لاتفاق لوقف العدائيات الانسانى كمدخل لاتفاق شامل لوقف الحرب وتحقيق السلام فى السودان.
بحسب توم بريلو المبعوث الامريكى ان المفاوضات التحضيرية مع كافة الاطراف المعنية بقضية الحرب وعلى اعلى مستويات المسؤولية قد تمت على مدى شهرين وانها وصلت حد الاتفاق على الزمان والمكان والاجندة بمايعنى ان المسرح التفاوضى قد اعد تماماً وهذا ماسبق ان اشرنا اليه كاحد مؤشرات النجاح مع مؤشرات أخرى.قد يتساءل الناس اذن لماذا تأخر الجيش فى الاعلان عن الموافقة الرسمية وظل يماطل حتى اللحظة ويعكس موقفاً مترددا بين الرفض والقبول المشروط ؟
فى هذا المقال سنناقش الحجج المطروحة كاشتراطات لقبول التفاوض من قبل الجيش وسلطة الانقلاب فى بورتسودان التى طرحها الوفد التحضيرى فى جدة برئاسة الوزير ابونمو.
الفرضية الاولى قضية التمثيل فى المفاوضات على اساس ان تكون باسم الحكومة لانتزاع اعتراف ومشروعية عجزت السلطة عن تحقيقه داخلياً وتبحث عنه خارجياً هذا الاعتراف الذى نسفه الطرف الاصيل فى انقلاب اكتوبر2021 الدعم السريع وافشله الشعب السودانى من خلال التظاهرات الشعبية الرافضة له منذ لحظة ميلاده وحتى قيام الحرب،والذى رفضه الاتحاد الافريقى من خلال قرار تجميد عضوية السودان.اكد المبعوث الامريكى ذلك من خلال تصريح واضح لاغموض فيه ان المفاوضات لاتعطى شرعية لاى طرف من طرفى التفاوض الذين تمت دعوتهما على اساس انهما طرفى الحرب والصراع والمشاورات التى تمت قبل شهرين تؤكد ذلك.المدهش ان اعلان جدة واتفاق جدة والمنامة كلها تمت بتوقيع التمثيل باسم الجيش والدعم السريع!!!
الفرضية الثانية لرفض مفاوضات جنيف من قبل الجيش تقوم على ان الولايات المتحدة لم تلتزم بارغام الدعم السريع على تنفيذ اعلان جدة خاصة فيما يتعلق بالخروج من الاعيان المدنية تلك السبوبة الضعيفة حتى داخل الاعلان نفسه والتى نص عليها ضمن تدابير حماية المدنيين وليس كنص منفصل لذاته والتى لم يلتزم بها الطرفان ضمن التزامات اخرى عديدة ،فالحجة هنا اشبه بقميص عثمان.
الفرضية الثالثة تقوم على رفض فكرة المراقبين الدوليين والميسرين الذين اذا افترضنا حسن النية فى حجة الرفض انهم يخضعون لدعم احد الاطراف المتصارعة ولايتمتعوا بالحياد فالكفة متساوية هنا،والمفارقة الغريبة ان ذات الأطراف المطروحة كمراقبين سبق ان كانت حضوراً فى اتفاق المنامة(مصر،الامارات،السعودية،الايقاد).فماالجديد؟الفرضية ساقطة عمليا ولاتقوى كحجة للرفض فالتقليد الدبلوماسى المعمول به فى اى مفاوضات وجود مراقبين لايتم اختيارهم اعتباطا وانما بناء على اسس تراعى اهداف التفاوض وارتباط الاطراف المراقبة بالملف التفاوضى.
إن اول اسس المفاوضات الناجحة هى فى عدم طرح الشروط المسبقة والتعجيزية ووضع المطبات وانما وضع الاوراق كلها على طاولة التفاوض والتمتع بقدرة على الاقناع والمناورة.
مالم تقله البيانات الرسمية والتصريحات لسلطة الامر الواقع وهو تعدد مراكز التوجيه والقرار بالقدر الذى يعكس تأثير الاسلاميين على مؤسسة الجيش واختطاف القراروهو مايندرج تحت بند التسييس والتمكين داخل الجيش كاحد مفترضات الاصلاح والهيكلة التى تعد من احدى العوامل المفجرة لهذه الحرب مع عوامل أخرى.وقد بات هذا الامر واضحاً وضوح الشمس تسنده بعض الشواهد مثال تحقيقات سناء حمد،وفيديو ناجى مصطفى،وتكريم الانصرافى..الخ
من ناحية ثانية لم تعد الجبهة المساندة للجيش مدنية وعسكرية بذات التماسك والتوحد منذ بداية الحرب وحتى الاسلاميين انفسهم باعتبارهم مشعلى الحرب ليسوا كتلة واحدة حيث شهدت تباينات عديدة،هذا الى تنامى الرفض الشعبى الواسع لاستمرار الحرب ونتائجها الكارثية،وتراجع وانعدام فرص الحل العسكرى(بل بس) واستحالة تحقيقه ميدانيا.بالاضافة الى الوضع الانسانى الكارثى وملامحه الباينة.
ان جبهة الجيش الداخلية لاتخلو من صراع خفى مكبوت يمثله مثلث الجنرالات الثلاثة الكبار وهو مرتبط بتأثير الاسلاميبن وتبايناتهم الدرجية ومكاسبهم من الحرب.
كل هذه الاسباب تجعل من مهمة الاستجابة والتعاطى الايجابى مع خط التفاوض والابتعاد عن المناورات والكسب السياسى والبحث عن انتصارات وهمية وخداع وتضليل الشعب على وتجاهل مأساته الانسانية أمر تحتمه المسؤلية الاخلاقية والنظرالى النتائج الكارثية للحرب والتى تتطلب القرار الشجاع والمسقل والمستند الى ارادة قوية.