إلى أين تتجه منطقة الشرق الأوسط في ظل الزلازل السياسية والصراعات المستمرة؟

إلى أين تتجه منطقة الشرق الأوسط في ظل الزلازل السياسية والصراعات المستمرة؟
الدكتور كمال دفع الله بخيت المحلل السياسي السوداني - وادي النيل

بقلم: الدكتور كمال دفع الله بخيت - الباحث في العلاقات الدولية والتنمية

تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من الزلازل السياسية المعقدة، وسط تصاعد القتال على حدود الكيان الإسرائيلي مع لبنان، خاصة بين إسرائيل وحزب الله. هذا التصعيد جاء بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، مما دفع إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات احترازية بإجلاء نحو 60 ألف مستوطن من المناطق الحدودية الشمالية تحسبًا لهجمات حزب الله المحتملة.

التصعيد بين إسرائيل وحزب الله

خلال العام الماضي، تمكنت إسرائيل من تقليص التهديد العسكري الذي تشكله حركة حماس بشكل كبير، حيث قتل ما بين 10 إلى 20 ألف من مقاتلي الحركة، وتم اغتيال عدد من قادتها أو إجبارهم على الاختباء في الأنفاق. هذا النجاح العسكري سمح لإسرائيل بتحويل تركيزها نحو حدودها الشمالية لمواجهة حزب الله. وبفضل العمليات الجوية والاستخباراتية، وجهت إسرائيل ضربات قوية لقيادة حزب الله، بما في ذلك استهداف زعيمه حسن نصر الله، الذي يقود المجموعة منذ أكثر من ثلاثة عقود.

ورغم الإنجازات التي حققتها إسرائيل ضد حزب الله، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان هذا التصعيد سيؤدي إلى تهدئة طويلة الأمد أم سيزيد من التوترات. فبينما نجحت إسرائيل في إضعاف حزب الله، إلا أن الأخير لا يزال يحتفظ بقدرة قتالية كبيرة، مما يجعله خصمًا خطيرًا في أي صراع مستقبلي.

تداعيات الهجمات الإسرائيلية وإيران في الصورة

إلى جانب التوترات على الحدود اللبنانية، يبرز دور إيران كلاعب رئيسي في المنطقة. بعد الهجمات التي استهدفت وكلاءها، وخاصة حزب الله، ردت إيران بهجوم مباشر على إسرائيل، مما أدهش بعض المراقبين الغربيين. على الرغم من الهجمات الإيرانية، استمرت إسرائيل في تنفيذ ضربات عسكرية، بما في ذلك هجوم استهدف المواقع النووية الإيرانية في أبريل 2024.

أعادت هذه الأحداث تصعيد التوترات في المنطقة، حيث أصبح من الواضح أن إسرائيل باتت ترى في المواجهة المباشرة مع إيران خيارًا استراتيجيًا. هذا التصعيد يلقى دعمًا داخليًا كبيرًا في إسرائيل، حيث يرى البعض أن توجيه الضربات لإيران قد يؤدي إلى تقليص نفوذها الإقليمي وربما حتى سقوط النظام الإيراني.

إيران بين التصعيد والاستمرار

على الرغم من الضغوطات التي تواجهها، يبدو أن النظام الإيراني سيظل قادرًا على التعامل مع التحديات الحالية، وربما سيواصل تسريع جهوده لتطوير الأسلحة النووية كوسيلة لتعزيز قوته. وبينما يرى البعض في تغيير النظام الإيراني احتمالًا واردًا، إلا أن ذلك يبقى بعيد الاحتمال في الوقت الراهن، ويبقى التساؤل حول نوع النظام الذي قد يخلفه في حالة سقوطه.

نقطة تحول في الشرق الأوسط؟

نحن الآن في مرحلة قد تكون نقطة تحول في الشرق الأوسط. التصعيد العسكري المستمر والردود المتبادلة بين إسرائيل وإيران وحزب الله يزيد من المخاوف حول استقرار المنطقة. ورغم أن الأحداث قد تقود إلى نتائج غير متوقعة، إلا أن الأمور لا تزال غير واضحة بشأن المستقبل الذي ينتظر الشرق الأوسط، خاصة مع التزايد المستمر في العنف وعدم الاستقرار.

يظل الشرق الأوسط منطقة مليئة بالتعقيدات، حيث يتداخل فيها السياسي بالعسكري، ما يجعل من الصعب التنبؤ بالمسار الذي ستسلكه الأوضاع في المستقبل القريب.