تشاد تطلب من فرنسا سحب قواتها قبل نهاية يناير المقبل

نواكشوط : وادي النيل
في خطوة غير مسبوقة، طالبت السلطات التشادية القوات الفرنسية المتمركزة على أراضيها بالانسحاب الكامل قبل نهاية يناير 2025. وأكدت مصادر رسمية أن تشاد أبلغت باريس بضرورة إتمام الانسحاب في إطار زمني لا يتجاوز سبعة أسابيع، الأمر الذي اعتبرته فرنسا "غير واقعي" نظرًا للصعوبات اللوجستية التي تواجه سحب ألف جندي مع معداتهم خلال هذه الفترة القصيرة.
قرار تشاد بإنهاء التعاون العسكري مع فرنسا، والذي أعلنته رسميًا في 28 نوفمبر الماضي، بررته الحكومة التشادية برغبتها في تحقيق سيادتها الكاملة. ومع ذلك، شددت إنجامينا على أهمية الحفاظ على علاقات إيجابية مع باريس بما يخدم مصالح الشعبين.
في السياق ذاته، بدأت فرنسا بتنفيذ الخطوة الأولى من الانسحاب عبر سحب طائراتها من طراز "ميراج 2000" من القاعدة الجوية في إنجامينا، مع الإعلان عن خطط مستقبلية لإخلاء القواعد العسكرية في "فايا لارجو" و"أبيشي" قريبًا.
تواجه فرنسا تحديات كبيرة في تنفيذ الانسحاب وفق المهلة التي حددتها تشاد. وصرّح مصدر في الجيش الفرنسي لإذاعة "فرنسا الدولية" بأن نقل ألف جندي مع العتاد والمعدات في غضون أسابيع قليلة يُعد أمرًا بالغ الصعوبة. وبيّن المصدر أن بعض القواعد العسكرية الفرنسية تبعد عن العاصمة أيامًا من السفر البري، ما يزيد تعقيد العملية.
من جانبها، اقترحت باريس تمديد المهلة حتى مارس 2025 لضمان انسحاب آمن ومنظم، إلا أن السلطات التشادية رفضت هذا الطلب، مصرة على انتهاء وجود القوات الفرنسية قبل شهر فبراير المقبل، تزامنًا مع بداية شهر رمضان.
مصادر مطلعة أشارت إلى أن قرار تشاد يتجاوز مسألة تحقيق السيادة، موضحة أن السلطات التشادية غاضبة من تقاعس الجيش الفرنسي عن تقديم الدعم الاستخباراتي والعسكري خلال هجمات شنتها جماعة "بوكو حرام" في أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل 40 جنديًا تشاديًا.
في الوقت ذاته، تتحدث تقارير عن محاولات من جانب مسؤولين تشاديين للضغط على باريس لتسليم جزء من معداتها العسكرية للقوات التشادية التي تخوض مواجهات عنيفة ضد الجماعات الإرهابية في حوض بحيرة تشاد.
رحيل القوات الفرنسية من تشاد سيُشكل نهاية لوجودها العسكري في منطقة الساحل الأفريقي، بعد طردها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر. ويرى مراقبون أن هذه التطورات تُعزز النفوذ الروسي في المنطقة، حيث باتت دول الساحل تتجه نحو التعاون مع موسكو.
ورغم تصاعد الخلاف بين الجانبين حول الجدول الزمني للانسحاب، إلا أن مصادر أكدت أن الحوار ما زال مستمرًا، وسط إصرار الطرفين على التوصل لاتفاق يضمن انسحابًا سلسًا دون تصعيد.
ختامًا، يبقى قرار تشاد مؤشرًا على التحولات الجيوسياسية في القارة الأفريقية، حيث تتسارع الدول لتحقيق استقلالية أكبر عن القوى الاستعمارية السابقة، في وقت تواجه فيه فرنسا تحديات متزايدة للحفاظ على نفوذها التقليدي.