مواجهة النفس: تأملات في التحديات الثقافية والاجتماعية في السودان

مواجهة النفس: تأملات في التحديات الثقافية والاجتماعية في السودان
السودان - وادي النيل

بقلم: د. كمال دفع الله بخيت باخث في العلاقات الدولية والتنمية

في سياق التطور الاجتماعي والسياسي، يعد الشعب السوداني واحدًا من أكثر الشعوب التي تواجه تحديات هائلة في سبيل بناء هوية وطنية موحدة وتحقيق نهوض سياسي اجتماعي واقتصادي استنادا على ارثه الحضاري الثر. لكن إذا أردنا أن نتقدم كأمة، يجب علينا أن نستوعب ونحلل بعمق عيوبنا ومشاكلنا. هذا المقال هو دعوة لمواجهة الذات بنظرة انتقادية، تمامًا كما فعل اخرون مثل ماليزيا التي قادها مؤلف "المعضلة الملاوية" السيد مهاتير، حيث ععرض في مؤلفة كبدايه للانطلاق في ١٩٧٠ اي قبل ١١ عاما من ان يصبح رئيسا لوزراء تلك البلاد لوضع الشعب الماليزي امام نفسه وعكس لهم القضايا الاجتماعية والثقافية الحادة والسالبة في ماليزيا ومنها انطلقت ماليزيا ..

1. التحليل الأنثروبولوجي للعيوب الثقافية

يتطلب الكشف عن الأسرار التي تعوق تقدم المجتمع السوداني استخدام الأساليب الأنثروبولوجية لفهم تركيبته الاجتماعية. ويمكن أن نعتبر التواكل والكسل سلوكيات متجذرة في ثقافة السلبية التي تعود إلى عصور الاستعمار. وإن الرؤية الضيقة نحو العمل والإنتاج، التي تشكلت بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية، قد أدت إلى شعور عام بالاستسلام.

 2. الحسد والتنافس السلبي

الحسد هو شعور عميق يجردنا من إنسانيتنا ويؤدي إلى تفتيت العلاقات الاجتماعية. وإن الوعي بأن الحسد يعيق تقدمنا كمجتمع يتطلب تحليلًا عن كثب. لماذا يقبل الناس على التنافس السلبي بدلًا من التعاون؟ بالتالي يتطلب هذا التساؤل دراسة تأثير الثقافة التقليدية التي تبرز الفردية وتهميش العمل الجماعي. ويمكن انن يجعلنا تعميق فهم هذه الظاهرة أن نقوم بتعديلات ثقافية تقودنا نحو علاقات صحية أكثر.

3. الغرور والتعالي

الشعور بالغرور والتعالي يتغلغل في العديد من المجتمعات، لكن في السياق السوداني، ينبغي علينا مناقشة كيف يمكن أن يكون هذا الشعور نتيجة للتجارب التاريخية. فقد يعكس هذا الغرور رغبة في إيجاد هوية متميزة، ولكن في الواقع، فإنه يؤدي إلى انعزال الأفراد عن بعضهم البعض. من خلال الحوار والنقاش، ويمكن أن نفتح النقاش حول كيفية بناء الهوية الوطنية بشكل يشمل جميع الفئات.

4. تعرية النظام السياسي

لا يمكن تجاهل دور النظام السياسي في تخلف المجتمع. علينا أن نسأل أنفسنا، كيف شكلت السياسات الحالية الوعي الثقافي والمجتمعي؟ وتعتبر مسألة تحليل العلاقة بين السياسة والثقافة هو أمر أساسي لفهم كيفية تأثير النظام على مصير الشعب. وتوجد حاجة ملحة إلى تعرية السياسات الفاشلة والبحث عن بدائل تعزز من قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

5. مسؤولية الأحزاب السياسية

الأحزاب السياسية في السودان تحتاج إلى مراجعة نقدية، فهي ليست فقط معبرة عن مصالحها بل يفترض فيها ان تخدم أيضًا التوجهات الثقافية للمجتمع. وسيضمن الحوار البنّاء بين الأحزاب والشعب تحقيق تغييرات حقيقية وفعالة. 

اذن؛ من الصعب مواجهة النفس، لكن من خلال التحليل الأنثروبولوجي، يمكننا تجاوز تحدياتنا الثقافية والاجتماعية. إن هذا النوع من التفكير النقدي ليس مجرد دراسة أكاديمية بل هو دعوة حقيقية للتغيير والإصلاح. لنبادر بمواجهة عيوبنا والعمل بشكل جماعي نحو مستقبل أفضل. إن التحدي هنا هو أن نختار أن نكون جزءًا من الحل، بدلاً من الاستمرار في التأمل السلبي في عيوبنا.