محمد ضياء الدين يكتب : الإفراج عن الأسرى خطوة نحو السلام في السودان

محمد ضياء الدين يكتب : الإفراج عن الأسرى خطوة نحو السلام في السودان
محمد ضياء الدين المحلل السياسي السوداني - وادي النيل

بقلم: محمد ضياء الدين المحلل السياسي السوداني 

تعد قضية الأسرى والمعتقلين من أهم القضايا الإنسانية التي غالبًا ما يتم تجاهلها في ظل النزاعات المسلحة، وتزداد حدتها مع استمرار الحرب في البلاد. يعيش الأسرى لدى مختلف الأطراف المتصارعة في ظروف قاسية وغير إنسانية، بعيدًا عن أي نوع من الرقابة الدولية أو ضمانات حقوق الإنسان. هؤلاء الأسرى، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين أو متقاعدين، بمن فيهم كبار السن والمرضى والمصابين، يقبعون في سجون ومعتقلات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية.

تشير التقارير إلى أن هذه المرافق ليست فقط غير مؤهلة لاستقبال البشر، بل إنها تتعرض أحيانًا للقصف وتفتقر إلى الرعاية الطبية الأساسية وحتى الغذاء الضروري لبقاء الأسرى على قيد الحياة. هذا الوضع يزيد من معاناة الأسرى ويعرضهم لانتهاكات جسيمة تتراوح بين التعذيب الجسدي والإهمال الطبي والتجويع، حيث فقد البعض حياتهم نتيجة لهذه الظروف القاسية.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن أعداد الأسرى والمعتقلين بلغت مستويات مقلقة في ظل غياب الرقابة الفعالة. بناءً على ذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك إنساني عاجل لإنهاء معاناة هؤلاء الأسرى. ويجب أن يتفق الجميع على إطلاق نداء وطني للإفراج الفوري عن الفئات الأكثر ضعفًا مثل المدنيين، كبار السن، المرضى، والمصابين. على الرغم من أن هذه الخطوة قد تبدو صغيرة في مواجهة تعقيدات النزاع، إلا أنها قد تساهم في تخفيف التوترات بين الأطراف المتحاربة وتحسين الظروف الإنسانية العامة في البلاد.

إن توفير الحماية والرعاية للأسرى هو واجب ديني، إنساني وأخلاقي لا ينبغي تأجيله أو الاختلاف حوله تحت أي ظرف من الظروف. الحل لا يكمن فقط في إطلاق سراح الأسرى، بل يتطلب جهدًا وطنيًا ودوليًا مشتركًا لتشكيل لجنة وطنية تضم شخصيات مقبولة من كافة الأطراف ورموز المجتمع الأهلي، تعمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية لوضع خطة شاملة تضمن الإفراج عن الأسرى وضمان حصولهم على حقوقهم.

الإفراج عن الأسرى لا يمثل خطوة إنسانية فقط، بل يمكن أن يكون مقدمة لفتح باب الحوار بين الأطراف المتنازعة وتخفيف حدة النزاع. كما يمكن أن يمثل خطوة هامة نحو استعادة الثقة بين الأطراف المختلفة، ما قد يمهد الطريق لمزيد من التعاون في قضايا أخرى مثل تبادل الأسرى والدخول في مفاوضات سلام جادة.

في النهاية، فإن تشكيل لجنة وطنية بالتنسيق مع الجهات الدولية هو الخطوة الأولى نحو إنهاء هذه الأزمة الإنسانية المستمرة، وتعزيز فرص الوصول إلى حل سلمي شامل للنزاع.