قراءة في موقف البعث من الحرب: موقف وطني ثابت
بقلم: محمد ضياء الدين
يعكس موقف حزب البعث العربي الاشتراكي من الحرب التزاماً واضحاً بالموقف الوطني الصحيح، وهو ما تجلى منذ بيانه الأول عقب اندلاع الحرب بساعات. في هذا البيان، أعلن البعث رفضه الصريح للحرب، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه. كما دعا قوى الثورة السودانية إلى الوحدة في إدانة الاقتتال والمطالبة بوقفه الفوري، مع رفض التسليم بأي نتائج تنجم عنه. وطالب البيان بإبعاد العسكر بكل مكوناتهم عن المشهد السياسي لتحقيق التحول المدني الديمقراطي.
في بيانات الحزب اللاحقة وتصريحات ناطقه الرسمي، المهندس عادل خلف الله، استمر البعث في التعبير عن موقفه الثابت ضد الحرب، مشددًا على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة. وبهذا الصدد، وقف الحزب وشارك مع القوى الوطنية في المبادرات الرامية إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام.
لم يكتفِ قيادات البعث وكادره الإعلامي بالتصريحات الرسمية، بل أظهرت كتاباتهم وتحليلاتهم على مختلف المنابر الإعلامية، بما في ذلك صحيفة "الهدف" الناطقة باسم الحزب، تفنيداً للحجج التي تسوقها أطراف النزاع لتبرير استمرار الحرب. وبرزت في هذه الكتابات دعوات متكررة إلى الحوار الوطني الشامل كسبيل لتحقيق سلام دائم يعيد للسودان استقراره، بينما اختارت بعض القوى السياسية والحركات المسلحة التماهي مع أطراف النزاع.
تمسك حزب البعث العربي الاشتراكي بموقفه الوطني المستقل، وواصل دعواته المستمرة لحقن الدماء وتغليب مصلحة الوطن فوق أي اعتبار آخر. وفي ظل تصاعد الأزمة وتفاقم المعاناة الإنسانية، برز دور البعث في الدعوة إلى تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمتضررين، مع التأكيد على ضرورة توجيه الجهود الدولية لدعم استقرار البلاد وضمان عودتها إلى مسار السلام والتنمية.
هذا الجانب الإنساني عزز موقف الحزب الوطني وعكس التزامه بمصلحة الشعب، كما أضاف بعداً أخلاقياً لموقف البعث، حيث أكد الحزب على أن مصلحة الوطن والشعب يجب أن تكون فوق كل اعتبار، رافضاً أي تسويات سياسية قد تؤدي إلى تقسيم البلاد أو إطالة أمد الحرب.
إن موقف حزب البعث العربي الاشتراكي من الحرب لم يكن مجرد موقف سياسي بل كان تجسيداً عملياً لمبادئه الوطنية والقومية، حيث عمل الحزب بكل ما يملك من قوة لإيقاف الحرب وتحقيق السلام العادل الذي يضمن وحدة البلاد واستقلالها وسيادتها الوطنية.