الحركة الإسلامية: تناقضات الموقف من الجيش و كيف تبدلت المواقف؟

الحركة الإسلامية: تناقضات الموقف من الجيش و كيف تبدلت المواقف؟
الحركة الإسلامية

بقلم: محمد ضياء الدين 

الحركة الإسلامية التي تزعم اليوم أنها تدافع عن الجيش السوداني هي ذاتها التي حاولت في عام 1976 الإطاحة بالجيش عبر محاولة عسكرية انقلابية لاستلام السلطة، عُرفت بحركة المرتزقة أو الغزو الليبي. آنذاك، تحالفت الحركة الإسلامية مع قوى أخرى، وتلقت دعماً مالياً وتسليحياً من نظام معمر القذافي في ليبيا، بهدف إسقاط نظام مايو والاستيلاء على السلطة.

لكن الفارق الجوهري بين الجيش السوداني في السبعينيات والجيش اليوم يكمن في التغيرات الكبيرة التي طرأت على تركيبته العسكرية والعقائدية. فقد كان الجيش في تلك الفترة مؤسسة قومية تحمل رؤية وطنية شاملة. أما اليوم، فإن الحركة الإسلامية تسعى لاختطاف الجيش وتجييره لصالح أجنداتها السياسية الضيقة، مما يعكس تناقضاً صارخاً في مواقفها. فمن كان بالأمس يقاتل الجيش بات اليوم يدعي الدفاع عنه، في إشارة واضحة إلى عدم مصداقية الإسلاميين واستغلالهم للمؤسسات الوطنية لخدمة مصالحهم الخاصة. وما استغلال اسم الجيش في الإعلان عن انقلاب الجبهة الإسلامية في 1989 إلا دليلاً واضحاً لذلك.

الأغرب من ذلك، أنه بعد فشل حركة 1976، سارعت الجبهة الإسلامية إلى التصالح مع الرئيس نميري، قائد الجيش آنذاك، وشاركت النظام المايوي السلطة حتى سقطت معه في انتفاضة مارس/أبريل 1985. هذا التحول في مواقف الإسلاميين يعزز الشكوك حول نواياهم الحقيقية في دعم الجيش كمؤسسة وطنية ويؤكد على استغلالهم للظروف السياسية والأمنية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.

لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها اليوم هي أن الإسلاميين يستغلون الحرب الدائرة كوسيلة لتوسيع نفوذهم وإحكام سيطرتهم على مفاصل الدولة. فهم يديرون أمورهم تحت ظلال الجيش ويعملون على تجنيد الشباب في مليشياتهم العسكرية والأمنية، مستخدمين هؤلاء المجندين للضغط على قيادة الجيش من أجل تمرير مخططاتهم، ومن جهة أخرى محاولة القضاء على قوى الثورة بكافة مكوناتها. إن استمرار الحرب يمثل للإسلاميين الفرصة الأخيرة للبقاء في المشهد السياسي، حيث يسعون لاستغلال الفوضى وعدم الاستقرار لتعزيز مكانتهم والتأثير على القرارات المصيرية التي تتعلق بمستقبل السودان.

بات من المؤكد أن الإسلاميين مع الجيش وقائد الجيش إذا استمر في الحرب، وضد الجيش وقائد الجيش إذا لوّح بالتفاوض، هذا ما يطرح سؤالاً جوهرياً: هل الإسلاميون مع الجيش أم مع الحرب؟