محمد ضياء الدين يكتب: إغتيال حسن نصر الله- تداعيات إستثنائية على أمن المنطقة

محمد ضياء الدين يكتب: إغتيال حسن نصر الله- تداعيات إستثنائية على أمن المنطقة
حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني - وادي النيل

بقلم: محمد ضياء الدين

إغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله، سيكون بلا شك حدثا إستثنائيا له تداعيات واسعة على المستويات الأمنية والسياسية في الإقليم . إذ يمثل هذا الحدث نقلة نوعية فى الصراع الإقليمى، لما يحمله من رسائل متعددة الأطراف، سواء من حيث التنفيذ أو الدلالات السياسية . إن إستهداف شخصية بحجم نصر الله لا يمكن أن يتم دون ترتيبات وتخطيط متقن يثير الشكوك حول مدى التعقيدات التي قد تكون وراء العملية.

أحد الجوانب البارزة في هذه العملية هو الإعتماد على تقنيات متقدمة في الإغتيال، على غرار ما تم إستخدامه ضد شخصيات أخرى في المنطقة. هذا التطور يعكس تحسنا ملحوظا في القدرات الإستخباراتية الصهي- ونية، ويرجح اختراقا عميقا لصفوف حزب الله، الذي طالما أعتُبر محصنا من هذا النوع من العمليات. ما يثير التساؤلات حول قدرة الحزب على تأمين قيادته وإدارة تحركاتها في ظل هذه الإختراقات، وهو ما قد يستدعي إعادة النظر في ترتيباته الأمنية.

في سياق آخر، الإغتيال يسلط الضوء على أمن لبنان الوطني ككل، فالعملية تكشف هشاشة المنظومة الأمنية اللبنانية، وكيف يمكن أن تخترق حتى في وجود حزب الله الذي طالما اعتبر نفسه قوة دفاعية، رغم فارق الإمكانات مقارنة مع العدو الصهي-وني هذا الواقع يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة لبنان على مواجهة تحديات أمنية داخلية وخارجية متزايدة في ظل هكذا إختراقات.

من الجانب الإقليمي، يُثار تساؤل مهم حول الدور الإيراني في هذه العملية. إيران، الحليف الأكبر لحزب الله، تواجه ضغوطاً متزايدة على الصعيد الدولي بسبب برنامجها النووي والعقوبات الإقتصادية المفروضة عليها. كل الحيثيات تشير أن إيران قد ضحت بنصر الله في صفقة سرية لصالح أمريكا و(إسرائيل) ، كوسيلة لتخفيف الضغوط علي ملفاتها الحرجة، مثل العقوبات أو البرنامج النووي ، ومع ذلك، هذه الخطوة ستكون لها تداعيات بعيدة المدى على علاقات إيران بحلفائها في المنطقة، وقد تؤدي إلى تصدع الثقة في المحور الشيعي الذي تقوده طهران.

تضحية إيران بشخصية مثل نصر الله، الذي يمثل رمزا للمقاومة في نظر العديد من الشيعة وغيرهم في المنطقة، قد يثير تساؤلات حول مدى إلتزام إيران بالدفاع عن حلفائها، وقد يدفع أطرافا أخرى لإعادة النظر في تحالفاتها الاستراتيجية معها. هذا التحول قد يفتح المجال أمام إعادة رسم الخارطة السياسية والعسكرية في المنطقة ، ويعزز الإنقسامات داخل المحور الإيراني.

على الصعيد الداخلي اللبناني، من المرجح أن يؤدي إغتيال نصر الله إلى تغييرات كبيرة في توازن القوى السياسية والأمنية في لبنان . حزب الله سيواجه تحديا كبيرا في إعادة ترتيب صفوفه خاصة القيادية والأمنية في ظل فقدانه لشخصية محورية بحجم نصر الله بالإضافة للعديد من القيادات الأمنية والعسكرية التي قتلت فى الإعتداء الغاشم . هذا التحدي يأتي في وقت حساس، حيث يواجه الحزب ضغوطا من الداخل اللبناني ومن المجتمع الدولي.

من ناحية أخرى، قد تستغل بعض القوى اللبنانية هذا الفراغ لزيادة نفوذها وتحقيق مكاسب على الأرض. في ظل الفوضى المحتملة، قد يعاد تشكيل التحالفات الداخلية، وقد تنمو الصراعات السياسية والطائفية، مما يزيد من تعقيد المشهد اللبناني ويهدد إستقراره الهش.

حزب الله، قد يلجأ إلى التصعيد ضد (إسرائيل) أو أي قوى أخرى يشتبه في ضلوعها بالعملية. أي رد من الحزب، أو أي تدخل (إسرائيلي) عسكري، قد يشعل دوامة من العنف في لبنان وجنوب سوريا، مما قد يؤدي إلى إندلاع حرب جديدة مع العدو تكون لها تداعيات كارثية على إستقرار المنطقة. فى هذا السياق، لا يمكن تجاهل إحتمالات توسع النزاع ليشمل قوى إقليمية أخرى، ما يضع المنطقة على حافة حرب شاملة.

على المستوى الدولي، سيكون لإغتيال نصر الله تأثيرات واسعة على العلاقات الدبلوماسية والمصالح الإستراتيجية للقوى الكبرى فى المنطقة . الولايات المتحدة، روسيا، والدول الأوروبية، سيكون عليها إعادة تقييم سياساتها في المنطقة، وربما تتسارع التحركات الدبلوماسية لإحتواء أي تصعيد. في المقابل، قد تشهد المنطقة تدخلات عسكرية غير مباشرة، مثل دعم الفصائل المسلحة أو تكثيف الضغوط الإقتصادية والسياسية.

إغتيال حسن نصر الله قد يكون بداية لمرحلة جديدة من عدم الإستقرار في لبنان والمنطقة. الأسئلة حول التداعيات الأمنية والسياسية ستظل قائمة لفترة طويلة، في ظل غموض التحركات المستقبلية لحزب الله وحلفائه، إلى جانب ردود الأفعال الدولية والإقليمية.