غياب الجيش عن مفاوضات جنيف: بداية جديدة أم تعقيد للأزمة؟

غياب الجيش عن مفاوضات جنيف: بداية جديدة أم تعقيد للأزمة؟
مؤتمر جنيف

بقلم: محمد ضياء الدين

اختتمت مفاوضات جنيف بشأن الأزمة السودانية بعد سلسلة من التحديات التي واجهتها منذ البداية. انطلقت المفاوضات في ظل غياب الجيش السوداني بعد رفضه المشاركة، وهو ما ألقى بظلاله على المناقشات. بالتأكيد غياب الجيش، الذي يعتبر أحد الأطراف الرئيسية في النزاع، أثر بشكل كبير على طبيعة المخرجات التي تم التوصل إليها. ومع ذلك، قررت الأطراف الأخرى المضي قدماً في المفاوضات دون الجيش، محاولين إيجاد حلول أمنية وإنسانية للأزمة المعقدة التي يعاني منها السودان.

من أبرز المخرجات التي تمخضت عنها المفاوضات هو الاتفاق على وقف إطلاق النار المؤقت (اتفاق ضمني) يمكن قراءته بين السطور، ووفق ما ورد في اتفاقات سابقة مشار إليها في البيان الختامي، ذلك لضمان انسياب المعونات الإنسانية وحماية المدنيين، وإنشاء آلية مراقبة دولية لضمان التزام الأطراف به.كما تم الاتفاق على إنشاء لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في الان-تهاكات التي جرت خلال النزاع. بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على عقد جولة جديدة من المفاوضات بعد فترة زمنية قصيرة لمتابعة التقدم المحرز، وسط تحديات كبيرة تواجه تنفيذ هذه المخرجات.

 رغم هذه المخرجات، فإن التحديات التي تواجه تنفيذها تبقى كبيرة.

 أولاً، غياب الجيش عن المفاوضات يثير تساؤلات حول مدى التزامه بتنفيذ تلك الاتفاقات، وهو ما يؤدي إلى استمرار النزاع.

ثانياً، التعقيدات على الأرض والتداخلات الإقليمية والدولية تجعل من الصعب تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، هناك شكوك حول فعالية لجنة التحقيق المستقلة ومدى قدرتها على جمع الأدلة في بيئة مليئة بالفوضى.

عليه، من المتوقع أن يظل الوضع هشاً في البلاد مع استمرار التوترات على الأرض.

رغم ذلك فإن محاولات دفع الجيش للمشاركة في المفاوضات اللاحقة لن تنتهي، إذ يعتمد الأمر بشكل كبير على مدى ضغط المجتمع الدولي والإقليمي على الأطراف المختلفة، وتطورات الوضع العسكري على الأرض، وتصاعد مطالب الشعب السوداني وقواه الوطنية والديمقراطية بإنهاء الحرب وتحقيق السلام .

 إذا نجحت الأطراف في الالتزام بمخرجات جنيف، يكون هناك أمل في وضع حد للنزاع، لكن الفشل في تنفيذ تلك المخرجات سيؤدي بلا شك إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية ما يفتح الباب أمام أسوأ الاحتمالات.