قضايا ثقافية: ثقافة الاختلاف وقبول الآخر

قضايا ثقافية: ثقافة الاختلاف وقبول الآخر
محمد الأمين أبو زيد - وادي النيل

بقلم: محمد الأمين أبو زيد

لقد خلق الله البشر مختلفين في أشياء عديدة، ومتفقين في القيمة الإنسانية، وفي الغاية من الخلق. إن الاختلاف ضمانة لاستمرار الوجود الإنساني، فهو مبعث التعدد والتنوع. منظور واحد لا يكفي لفهم هذا الكون، وثقافة واحدة أو فن واحد لا يفيان باحتياجات النفس الإنسانية. فكر واحد لا يكفي لملء أغوار العقل البشري؛ هذا هو عالمنا الذي يحتاج إلى وجود فسيفساء للإحاطة به.

كما أشار فاطمة بولعنان في مقالها بتاريخ 2/9/2016، فإن الاختلاف يعني رؤية جديدة، فكرة جديدة، زاوية جديدة، وعوالم مختلفة، وهو مرادف للإضافة والإبداع.

ومع ذلك، شاع في مجتمعنا في الفترة الأخيرة ثقافة التضاد، لا التكامل، وثقافة "إما أن تكون معي أو لا تكون"، والتي تسعى لشطب المخالف فكريًا ودينيًا وسياسيًا. تشكل نقاط الاختلاف المقومات التي ترتكز عليها هوية الأشياء قبل النظر في نقاط التشابه.

السؤال المهم: هل لدينا القدرة على قبول الآخر؟

للاجابة على هذا السؤال، لابد من الحديث عن زاويتين للبحث عن جذور المشكلة:

1. زاوية التعليم

يعد التعليم أحد محركات ثقافة نبذ الآخر أو قبوله. وهذا يعني بالضرورة أن يكون التعليم مجال ثقافة الأسئلة بدلاً من الإجابات الجاهزة، ومجالًا لتكوين العقل النقدي والحق في الاختلاف في أساليب التفكير ومناهجه. هنا تكمن أهمية منهج الفلسفة في جميع مستويات التعليم.

2. زاوية السياسة الثقافية

تكمن مساهمة الثقافة في الفكر الخلاق، وإعلاء شأن العقل والحرية، وربط السياسة الثقافية بالتنمية، والانفتاح على التعدد الداخلي واختلافاته، وتطوير الثقافات المحلية وتنميتها، والاهتمام بالإنتاج الثقافي في إطار المشترك وتعدد الهويات.

إن احترام الآخر وتقدير مواقفه، وتفهم ما لديه من مجموع المفاهيم، ضرورة اجتماعية وإنسانية وثقافية في مختلف المجتمعات. ولكي نتحدث عن حديقة، يجب أن ندع جميع الزهور تتفتح. ولكي نزرع غابة، لابد أن يكون التعدد النباتي هو أساسها.