لماذا لا يريد الغرب خسارة إيران؟
بقلم: هادي جلو مرعي
يبدو أن الموقع الاستراتيجي لإيران وثرواتها وامتلاكها قدرات كبيرة في مجالات متعددة، رغم تعارضها الأيديولوجي مع الغرب، تجعلها هدفًا مستمرًا لسياسات الضغط التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا ودول الخليج. وعلى الرغم من التوترات، تحافظ إيران على وضع خاص كدولة "فتى مدلل" لكل من المعسكرين الغربي والشرقي.
بالنسبة لروسيا والصين، تشكل إيران حلقة حيوية في طموحاتهما الجيوسياسية لخلق عالم متعدد الأقطاب وكسر الهيمنة الغربية. فروسيا ترى في إيران جبهة متقدمة لمواجهة الغرب، بينما ترى الصين فيها رافعة لتوسيع نفوذها التجاري والجيوسياسي، خاصةً في تأمين طرق التجارة وفتح مسارات جديدة بين الشرق والغرب.
العقل الغربي ومغازلة إيران
على الجانب الآخر، ما زال الغرب ينظر بحذر واهتمام إلى إيران، ويهدف إلى تجنب دفعها نحو محور بريكس أو التحالف مع روسيا والصين. فبينما تتسم العلاقات الغربية-الإيرانية بالتوتر، تبقى القنوات الدبلوماسية مفتوحة، خاصة مع فرنسا التي تسعى لجذب إيران إلى المعادلة الغربية. ومع ذلك، يظل الدور الإقليمي المزعج الذي تلعبه إيران، مثل دعمها لحزب الله ومجموعات أخرى مناوئة للغرب، عقبة في مسار هذا التقارب. تدرك إيران تمامًا ما يريده الغرب منها، وهي بارعة في إعادة التموضع حسب تغير الظروف الدولية؛ وهذا يجعل جميع الأطراف حذرة من دعم أي تصعيد قد يؤدي إلى نزاع شامل، حتى لو جاء ذلك على حساب حماية المصالح الإسرائيلية. ورغم أن الغرب على استعداد للدفاع عن إسرائيل، إلا أنه لا يرغب في المشاركة بهجوم شامل على إيران، لأن ذلك يعني خسارة فرصه المستقبلية مع طهران.
دول الخليج وتفضيل الضغط على الحرب
تتبنى دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر موقفًا حذرًا تجاه احتمالية نشوب حرب شاملة مع إيران، فهي تدرك أن أي صراع واسع قد يجلب دمارًا لمنطقة تشهد تحولات كبيرة، لاسيما في ظل رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتحديث الشامل. إذ تشكل دول الخليج اليوم مركزًا مهمًا للطاقة العالمية وممرًا حيويًا للتجارة، وهي تنظر إلى المستقبل من منظور التنمية والاستقرار، وليس من خلال الحروب المدمرة. وبذلك، يفضل قادة الخليج ممارسة سياسات الضغط بدلًا من الانخراط في صراع مفتوح، لما في ذلك من ضرر على مصالحهم الإقليمية والدولية.
التحالفات والمصالح المتقاطعة
مع تزايد النزعة المتطرفة في إسرائيل، يسعى اليمين الإسرائيلي لتحقيق مكاسب كبيرة معتمدًا على دعم الغرب، لكن هذا يتعارض مع رؤية بعض الحلفاء الأوروبيين، وخاصة فرنسا، التي تتبع نهجًا دبلوماسيًا متمايزًا تجاه لبنان. ينظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان كجزء من الإرث الفرنسي، ما تسبب بتوترات مع إسرائيل خصوصًا خلال العدوان على لبنان. على الرغم من أن فرنسا ما زالت شريكًا في المحور القلق من صعود الصين والتحالف الثلاثي بين بكين وطهران وموسكو، إلا أن استراتيجيات الغرب تجاه إيران قد تتغير حسب تفاعلات هذا المشهد الدولي المتجدد، خاصة مع توسع محور بريكس ومخاوف الغرب المتزايدةمن هذا التحالف.