هل تسير السودان نحو السيناريو الليبي؟
بقلم: محمد ضياء الدين
الحديث الجاري عن إعلان حكومة في ظل الحرب يعد خطوة خطيرة تؤدى إلى تفاقم الأوضاع المتأزمة في البلاد. هذا الإعلان المتوقع رغم تعثره، ينظر إليه كمحاولة لفرض واقع سياسي جديد في خضم النزاع، يهدد بتعميق الانقسامات بين القُوَى المتنازعة ويزيد من حدة الاستقطاب الداخلي.
في هذا السياق، من المرجح أن تجد هذه الحكومة صعوبة في الحصول على الاعتراف المحلي والدولي، مما يضعف من شرعيتها ويقوض قدرتها على فرض الأمن والاستقرار.
إضافة إلى ذلك، فإن تشكيل حكومة في مثل هذه الظروف يعتبر تحديا صارخًا للمجتمع الدولي، الذي يرى في هذه الخطوة تجاهلا للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية شاملة. هذا يؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات والعزلة الدولية على السودان، ما يزيد من معاناة الشعب السوداني ويعرقل أي جهود لإنهاء الحرب وتحقيق السلام .
كما أن الحكومة التي تعلن في ظل الحرب ستكون مقيدة بقدرتها على العمل بفعالية، إذ ستكون مشغولة أكثر بمواجهة التحديات الأمنية وتثبيت سلطتها بدلا من التركيز على قضايا معاش الناس واحتياجاتهم الأساسية، تجد نفسها متورطة في نزاعات مستمرة مع الشارع.
إلا أن الخطر الأكبر، هو ما ينذر بتكرار سيناريو التقسيم وتعدد الحكومات، الذي شهدته ليبيا، حيث انتقلت البلاد من حالة الحرب إلى انقسام سياسي حاد.
لذلك، يجب أن يكون التركيز الأول على إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق سلام شامل، يمهد الطريق لتشكيل سلطة مدنية ديمقراطية انتقالية تحظى بتأييد شعبي ودعم دُوَليّ. بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نبدأ في بناء سودان مستقر يتجاوز تداعيات الحرب وويلاتها ومسبباتها.