وداعاً للشاعر المناضل هاشم صديق رمز الأدب والثورة
بقلم: محمد ضياء الدين
فقد السودان، برحيل الشاعر الكبير هاشم صديق، أحد أبرز رموز الأدب والثقافة، وركيزة للنضال الوطني، الذي جعل من كلماته سلاحاً في وجه الظلم. جسد هاشم صديق في قلوب السودانيين صوت الحرية، متحصناً بشرف الكلمة والموقف، منتصراً لحقوق الإنسان السوداني، ومدافعاً عن أحلام الكادحين في حياة كريمة.
في مسيرة مليئة بالإبداع، حملت قصائد هاشم الأمل والتوق إلى الحرية، وخلدتها أعمال فنية خالدة، أبرزها أوبريت "الملحمة" الذي تغنى به الموسيقار محمد الأمين، حيث كانت كلماته أصداءً لثورة الأجيال. هذا الأوبريت العظيم، الذي لمعت فيه كلماته الشامخة، أصبح أيقونة تجسد صمود الشعب السوداني، حيث يقول:
"لما الليل الظالم طول، فجر النور من عينا اتحول، كنا نعيد الماضي الأول، ماضي جدودنا الهزموا الباغي."
وكان للأغاني الثورية نصيب وافر من إبداعه، إذ ألهب الشاعر الراحل حماس الجماهير، وقدم كلمات أنشودة "أكتوبر الأخضر" التي تغنى بها الموسيقار محمد وردي، معبراً عن الثورة بقوله:
"اسمك الظافر ينمو في ضمير الشعب إيماناً وبشرى، وعلى الغابة والصحراء يمتد وشاحاً."
امتدت أعماله لتشمل المسرح، حيث قدّم مسرحيات مثل "نبتة حبيبتي" و"وجه الضحك المحظور"، ليعكس فيها هموم الشعب السوداني تحت وطأة القهر، فضلاً عن أعمال درامية تلفزيونية جعلته مستهدفاً من أنظمة قمعية، منها عهدي جعفر النميري وعمر البشير.
اختار هاشم حياة التواضع في منزله بأمدرمان، رافضاً زخارف الدنيا، ومتمسكاً بالبقاء إلى جوار شعبه. حتى بعد اندلاع الحرب الأخيرة، لم يغادر رغم الأخطار، حتى توفي بعد صراع مع المرض. وكان وداعه مؤثراً، حيث نُقل في لحظاته الأخيرة على عربة كارو، لتظل هذه اللحظة محفورة في ذاكرة السودانيين.
ترك هاشم صديق إرثاً من كلمات خالدة ستظل نبراساً للأجيال، شاهدة على نضال شعب ضد الظلم، وقبساً للأجيال القادمة. رحم الله الشاعر الشجاع، وخلّد ذكراه في قلوب السودانيين.