في ذكرى استقلال السودان.. نظرة على تاريخ النضال والتحديات الراهنة

تقارير: وادي النيل
تحل ذكرى إعلان استقلال السودان في 19 ديسمبر 1955 وسط استمرار الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع. هذه الذكرى تُعيد تسليط الضوء على مسيرة النضال الوطني لتحقيق الاستقلال وما أعقبها من تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية.
إعلان الاستقلال: نضال طويل ومستقبل غامض
في الأول من يناير 1956، أعلن السودان استقلاله رسميًا عن الحكم الثنائي البريطاني-المصري، ليبدأ فصلًا جديدًا من تاريخه بعد عقود من النضال. كان مؤتمر الخريجين عام 1938 نقطة البداية لوعي سياسي طالبت فيه النخبة بحق تقرير المصير، مما أدى إلى تصعيد الحراك الوطني ضد الاستعمار.
المشهد السياسي بعد الاستقلال
شهد السودان تحولات سياسية معقدة عقب الاستقلال، حيث تنافست التيارات الرئيسية التالية على إدارة الدولة:
1. الأحزاب الطائفية:
مثل حزب الأمة المدعوم من جماعة الأنصار، والحزب الوطني الاتحادي المدعوم من الطريقة الختمية. لعبت هذه الأحزاب دورًا مركزيًا في المشهد السياسي، حيث اختلطت القيادة السياسية بالدينية.
2. الإخوان المسلمون:
بدأ نشاط الإخوان في الجامعات السودانية وارتفع نفوذهم، وصولًا إلى انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة حسن الترابي. رغم ذلك، انقسمت الحركة لاحقًا بسبب الخلافات الداخلية.
3. التيارات اليسارية:
ضمت الحزب الشيوعي السوداني، الناصريين، والبعثيين، إلى جانب قوى إقليمية وليبرالية. ركزت هذه التيارات على قضايا الوحدة والعدالة الاجتماعية، بينما سعت بعض الأحزاب الجنوبية لتحقيق مصالحها الخاصة.
أزمة الدستور السوداني
لم يُتوصل إلى توافق حول نظام الحكم بعد الاستقلال، مما أدى إلى تبني دستور مؤقت مستوحى من دستور الحكم الذاتي. نص هذا الدستور على:
تشكيل مجلس سيادة كأعلى سلطة دستورية.
انتقال قيادة الجيش إلى المجلس السيادي.
التحديات بعد الاستقلال
واجه السودان ثلاثة تحديات رئيسية رسمت معالم تاريخه الحديث:
1. صياغة دستور دائم: استمرت الخلافات حول النظام السياسي الملائم للحكم.
2. قضية الجنوب: أدت التباينات الثقافية والسياسية إلى اندلاع حرب أهلية طويلة بين الشمال والجنوب.
3. معضلة التنمية: عانت البلاد من ضعف البنية التحتية وغياب سياسات اقتصادية فعالة.
الصراعات الأيديولوجية
شهد السودان صراعًا مستمرًا بين القوى الديمقراطية والشمولية، إضافة إلى تنافس بين الأحزاب اليمينية واليسارية. انعكس ذلك على استقرار الدولة وقدرتها على مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية.
ذكرى تحمل الدروس
تأتي ذكرى استقلال السودان هذا العام في ظل واقع مضطرب، حيث تشهد البلاد صراعًا دمويًا. يظل استقلال السودان مناسبة لتأمل النضال الوطني والدروس المستفادة، مع استمرار الأمل في مستقبل أفضل يتجاوز التحديات الراهنة.