تحديات التطبيق في قانون اللجوء المصري الجديد: ما بين النصوص القانونية والواقع العملي

بقلم: الصادق علي حسن
رغم ما يحمله قانون اللجوء المصري رقم 164 لسنة 2024 من مزايا وإيجابيات على صعيد حماية اللاجئين، إلا أن التحديات العملية في تطبيق هذا القانون تلوح في الأفق، وهو ما يتطلب تفعيل أدوات الرقابة والضمانات القانونية لحماية حقوق اللاجئين كما نص عليها التشريع.
التحدي الأكبر: من الورق إلى الواقع
أبرز التحديات تكمن في تحويل النصوص إلى واقع ملموس. فالقانون، برغم صياغته الحقوقية الجيدة، قد يتحول إلى مجرد وثيقة قانونية إذا لم تتوافر الإرادة السياسية والإدارية لتطبيقه بصورة فعالة. وهنا تبرز أهمية اللائحة التنفيذية التي ستصدر لاحقاً، حيث ينبغي أن تكون مكملة للقانون لا مقيدة له، وأن توفر آليات تنظيمية واضحة تضمن تنفيذ ما ورد في القانون من حقوق.
الرقابة القضائية والمؤسسية ضرورة لا رفاهية
تطبيق القانون بشكل سليم يتطلب رقابة من عدة مستويات، أولها السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان، مروراً بأجهزة الرقابة المحلية والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني، وانتهاءً بالسلطة القضائية، التي تمثل الحصن الأخير في الدفاع عن الحقوق والحريات. ويؤكد مراقبون أن غياب هذه الرقابة سيؤدي إلى ضعف فعالية القانون، ويفتح الباب أمام الانتهاكات، مما يعرض مصر لانتقادات دولية.
تصريحات مطمئنة من البرلمان
في هذا السياق، صرّح طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، بتاريخ 28 يناير 2025، أن القانون يمنع الترحيل القسري للاجئين أو إعادتهم إلى مناطق النزاع أو عدم الاستقرار. كما أشار إلى أن اللائحة التنفيذية للقانون قيد الإعداد، وستتضمن تفاصيل إضافية حول تنظيم أوضاع اللاجئين في مصر، ما يعد خطوة إيجابية نحو تعزيز حماية حقوق الإنسان.
تحذيرات دولية وانتقادات أممية
لكن، في المقابل، تلقّت الحكومة المصرية انتقادات من سبعة من المقررين الخواص في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذين وجهوا خطاباً مشتركاً في ديسمبر 2025، يعبر عن "تحفظات عميقة" تجاه القانون في صورته النهائية. واعتبر المقررون أن القانون لا يتوافق مع المعايير الدولية، وينتهك التزامات مصر في الاتفاقيات الدولية المتعلقة باللاجئين، والتي صادقت عليها الدولة وأصبحت جزءاً من منظومتها الدستورية.
الفجوة بين النظرية والتطبيق في مجال حقوق الإنسان
الوضع المثالي يتمثل في انسجام التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، لكن الواقع غالباً ما يشهد تناقضات. فالتقارير الحقوقية كثيراً ما تُرفع إلى جنيف ونيويورك، بينما تبقى معاناة اللاجئ اليومية دون حلول ملموسة. ويؤكد مختصون أن التركيز يجب أن يكون على تطبيق القانون داخلياً بما يتماشى مع المعايير الحقوقية، بدلاً من الاقتصار على تقديم صورة وردية للمجتمع الدولي.
المجتمع الدولي ومفهوم المشروعية الانتقائي
النقد لم يقتصر على الداخل، بل طاول أداء المجتمع الدولي الذي يُتهم بازدواجية المعايير. فالدول الكبرى تفرض إرادتها داخل مجلس الأمن الدولي، بينما يتم تهميش أصوات الدول الفقيرة أو المتلقية للمساعدات، مثل السودان. كما أن الدول الغربية، بحسب مراقبين، تُفرّق في تعاملها مع اللاجئين بحسب المصالح السياسية والاقتصادية، لا على أساس المبادئ الإنسانية.
الهجرة غير الشرعية: أزمة إنسانية تُقابل بالقمع
ورغم التزاماتها بالقانون الدولي الإنساني، لا تزال أوروبا تُعزز سياسات منع الهجرة، حتى في الحالات التي ترتبط بنزاعات مسلحة أو أزمات إنسانية. وقد تصاعدت الانتقادات مؤخراً مع ورود تقارير عن امتناع حرس السواحل الأوروبيين عن إنقاذ لاجئين في البحر الأبيض المتوسط، بينهم نساء وأطفال، ما أدى إلى حالات غرق جماعي مأساوية.
دعم غربي لقوى مثيرة للجدل
في مثال صارخ على تناقض السياسات الغربية، يشير مراقبون إلى دعم الاتحاد الأوروبي لقوات الدعم السريع في السودان تحت ذريعة "مكافحة الهجرة غير الشرعية"، وهي قوات متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين واللاجئين. ويدعو حقوقيون لمساءلة الدول الأوروبية عن تبعات هذا التعاون، الذي ساهم في تفاقم معاناة آلاف اللاجئين.
ختام وتحليل مستقبلي
يتضح من مجمل النقاط السابقة أن قانون اللجوء المصري يمثل خطوة تشريعية مهمة، لكنه لن يحقق أهدافه دون آليات فعالة للتنفيذ، ومراقبة جادة، وتكامل حقيقي بين النصوص القانونية والواقع العملي. ويأمل الحقوقيون أن تشهد المرحلة القادمة مراجعات موضوعية تسهم في تطوير القانون وتعزيز مكاسبه لصالح اللاجئ، الذي يبقى الطرف الأضعف في معادلة النزاعات والهجرة والنصوص القانونية.