حوار ساخن مع الدكتور عباس شراقي.. حول سد النهضة ومستقبل المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا

خاص: وادي النيل
يشهد سد النهضة تطورات متعددة بعد انتهاء التخزين الخامس والأخير، حيث تظل التحديات المرتبطة بتشغيل التوربينات وتأثير النشاط الزلزالي قائمة.
يقدم الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا وخبير المياه، في هذا الحوار الحصري لـ"وادي النيل" رؤيته بشأن الوضع الحالي للسد، مخاوف النشاط الزلزالي، وآفاق التعاون بين مصر وإثيوبيا لتحقيق استفادة مشتركة.
ما هو الوضع الحالي لسد النهضة بعد انتهاء التخزين الخامس؟
التخزين الخامس والأخير انتهى في 5 سبتمبر الماضي عند منسوب 638 مترًا بإجمالي 60 مليار متر مكعب، ومنذ ذلك الحين ظل المخزون ثابتًا.
الإيراد اليومي في البداية كان كبيرًا، وصل إلى 400 مليون متر مكعب، مما تطلب فتح 3-4 بوابات من المفيض العلوي. ومع انخفاض الإيراد في ديسمبر الماضي إلى 40 مليون متر مكعب يوميًا، تقلصت الفتحات إلى بوابة واحدة.
طوال هذه الفترة، كانت التوربينات شبه متوقفة، وظهرت دوامات مائية أمامها منذ 24 ديسمبر، وكأنها تعمل، رغم أن تشغيلها المتوسط يتطلب أكثر من 100 مليون متر مكعب يوميًا.
إذا كانت التوربينات لا تعمل بكفاءة، فما الهدف من هذا العرض أمام الشعب الإثيوبي؟
يبدو أن الهدف هو إظهار التوربينات وكأنها تعمل أمام الشعب الإثيوبي، لكن الصور الفضائية أثبتت أن المخزون لم ينقص، مما يعني أن التشغيل محدود أو لساعات قليلة.
الحفاظ على التخزين كاملًا هو الأمل الإثيوبي لتشغيل التوربينات وإمرار المياه، لكن كان من المقرر تركيب ثلاث توربينات إضافية في ديسمبر الماضي، ولم يحدث ذلك.
كيف يؤثر النشاط الزلزالي المستمر على سد النهضة؟
النشاط الزلزالي في منطقة الأخدود الإثيوبي مستمر بشكل مقلق. منذ 21 ديسمبر الماضي، تم تسجيل 143 زلزالًا تتراوح قوتها بين 4.3 و5.8 درجة، منها 86 زلزالًا خلال أقل من أسبوعين في 2025.
الزلازل الحالية، بالقوة والمسافة (500-600 كم من السد)، لا تؤثر مباشرة على السد، لكن الخوف يكمن في زيادة القوة واقترابها.
إثيوبيا سجلت سابقًا زلازل بقوة تصل إلى 6.5 درجة، مثل زلزال 8 مايو 2023 بقوة 4.4 درجة عندما كان التخزين 15 مليار متر مكعب فقط.
متي يتأثر السد؟
عندما تقترب المسافة مع قوة الزلزال حيث تصل من 7 إلى 8 درجة.
ما رأيك في التعاون بين مصر وإثيوبيا بشأن السد؟
التعاون هو السبيل الوحيد لمصلحة الجميع. إثيوبيا دائمًا تعلن أنها لا تريد الإضرار بمصر، وإذا كانت جادة في ذلك، فعليها توقيع اتفاقية تُناسب جميع الأطراف.
ما مشكلة الاتفاق؟
المشكلة الأساسية تكمن في رفض إثيوبيا ذكر أي أرقام تتعلق بحصص المياه، لأنها لا تريد تحديد حصة لمصر، وفي المقابل، مصر لن تقبل تقليل حصتها.
إذا تجاوزنا هذه النقطة، يمكن التوصل إلى اتفاق تشغيل مستدام.
كيف ترى مستقبل العلاقات المائية بين دول حوض النيل؟
مياه حوض النيل تفوق احتياجاتنا بكثير، لكنها تُهدر بشكل كبير. دول المنابع، ومعظمها فقيرة، لا تستطيع الاستفادة الكاملة من المياه.
التعاون مع مصر يمكن أن يفتح أبوابًا للاستفادة الجماعية. مصر، على سبيل المثال، يمكنها استيراد كهرباء سد النهضة بأسعار تنافسية، مما يساعد على توفير الغاز الطبيعي لاستخدامات أخرى، مثل تصنيع الأسمدة وبيعها بأسعار أعلى.
هل تتوقع أن تنتهي الأزمة قريبًا؟
أعتقد أن السنوات الصعبة المرتبطة بالتخزين قد انتهت، خاصة أن السد الآن ممتلئ.
لم يعد هناك ما يمنع من التوصل إلى اتفاق حول التشغيل المستقبلي، بشرط أن يكون التعاون هو الأساس، على الجميع أن يدرك أن الانقسام الحالي لا يخدم أي طرف.
كلمة أخيرة؟
أتمنى الخير لشعوب حوض النيل، وأؤكد أننا لا نتمنى انهيار سد النهضة، حفاظًا على أرواح أهلنا في السودان وعلى الاحتياطي المائي المصري.
مصر بخير وستظل بخير، ونتمنى أن تتخطى جميع دول الحوض هذه الأزمة لتعمل معًا من أجل مستقبل أفضل.