حول وثيقة الرؤية السياسية .. لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)
(النقد قد لا يكون محببا" لكنه ضروري يقوم بنفس وظيفة الالم في جسم الانسان، وينبهنا الى امر غير صحي)
بقلم: المستشار خالد رحمة الله
يحظى تجمع "تقدم" بالثناء على دوره كأول وأكبر تجمع للقوى والشخصيات السياسية السودانية لمناقشة مستقبل البلاد، رغم الانتقادات التي وُجّهت له من قبل مجموعات سودانية عديدة حول بعض الإجراءات التي اتبعها في تنظيم ورش عمله، وطريقة انتقاء الأفراد والقوى السياسية المشاركة، بالإضافة إلى الإدارة العامة للورش والتفاصيل التي تناولتها، وما انتهت إليه من نتائج وتوصيات.
ورغم هذه الانتقادات، فقد كان لتجمع "تقدم" دور مهم في مناقشة الأوضاع الكارثية التي تمر بها البلاد واقتراح حلول لها. وقد أسفرت اجتماعاته عن مجموعة من الوثائق التي تعكس وجهة نظره ورؤيته للخروج من الأزمة الحالية، وكذلك رؤيته لمستقبل السودان بعد وقف الحرب.
سأبدأ بمناقشة وثيقة الرؤية السياسية التي صدرت في مايو 2024، مستنداً إلى وجهة نظري الشخصية، آخذاً في الاعتبار التحديات التي تواجه المثقفين في بلادنا، وخاصة أعضاء القوى السياسية، وهي الميل إلى الإفراط في التنظير دون الالتزام بتطبيق ما دُوّن في تلك الوثائق، وهو ما شهدته بلادنا منذ الاستقلال وحتى الآن.
وثيقة الرؤية السياسية:
تتألف هذه الوثيقة من سبعة بنود أساسية تلخص فهم "تقدم" لحل الأزمة السياسية في السودان، وهي:
- الديباجة
- الأهداف
- الحرب والكارثة الإنسانية
- مبادئ وأسس الحل السياسي
- آليات الحل السياسي الشامل
- قضايا التأسيس والانتقال
- الخاتمة
وتتفرع بعض البنود إلى تفاصيل أكثر لم تكن محل اتفاق من قبل العديد من التيارات السياسية والشخصيات الوطنية، واقترحت الوثيقة تصوراً لمستقبل البلاد بعد انتهاء الحرب.
1. الديباجة:
عبّرت الديباجة عن تطلعات وأهداف القوى السياسية والأشخاص الموقعين على هذه الوثيقة، مع تأكيدها على الرغبة في وقف الحرب ومعالجة آثارها، وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر، وتوحيد القوى السياسية السودانية، وإعادة إعمار البلاد في ظل نظام حكم مدني ديمقراطي.
رغم أن الغالبية العظمى من السودانيين تتفق مع ما ورد في الديباجة من توصيف للمعاناة والدمار ووصف القوى التي أدت إلى الوضع الحالي، إلا أن هناك بعض الملاحظات حول الديباجة:
- جاءت الديباجة مطولة واحتوت على خمسة بنود، تناولت العديد من الموضوعات بشكل ربما يغني عن الخوض في البنود اللاحقة.
- هذا الطول أثر على بنود أخرى مثل "الأهداف" و"الحرب والكارثة الإنسانية"، حيث تم عرضها بشكل مقتضب لم يلقِ الضوء الكافي على أهميتها.
2. الأهداف:
بعد الديباجة، تطرقت الوثيقة إلى عرض الأهداف التي جاءت على النحو التالي:
1. إيقاف وإنهاء الحرب.
2. تأسيس الدولة بنظام حكم مدني ديمقراطي.
3. استكمال مهام ثورة ديسمبر 2018.
أرى أن هذا البند لم يحظَ بالعرض والمناقشة اللذين يستحقهما، خاصة فيما يتعلق بآليات تنفيذ الهدف الأول، وتذكيرنا بمهام البند الثالث. كنت أتمنى أن يُعطى هذا البند الاهتمام الذي يليق به، لأنه يمثل جوهر عمل تجمع "تقدم" وسبب تأسيسه. أشعر بالأسف أن هذا البند لم يحظَ بما تستحقه من اهتمام، وهو ما قد يثير الشكوك حول مدى وضوح رؤية "تقدم" لأهدافه.
وسيتواصل الحديث...