دور القاهرة والجهود الاقليمية والدولية في ادارة أزمة حرب السودان: التحديات والتوقعات
بقلم: الدكتور كمال دفع الله بخيت
تشكل تطورات الأزمة السودانية مشهداً معقداً ومترابطاً على الصعيدين الإقليمي والدولي. ويمكن قراءة الأحداث الأخيرة في إطار المشهد السوداني من خلال عدة نقاط رئيسية:
دور القاهرة كمركز دبلوماسي
استضافت القاهرة للتجمع السياسي السوداني وتحركاتها الدبلوماسية اللاحقة وتنسيقها للجهود الإقليمية بما يتوافق مع جهد الدعوة الأمريكية للمفاوضات المرتقبة بين الأطراف المتقاتلة في جنيف يوم 14 أغسطس 2024 ، تشير إلى أهمية دور القاهرة كمركز أساسي لتعزيز جهود حل الأزمة السودانية الكارثية. وبفضل موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها المتشعبة في المنطقة، يمكن أن تلعب القاهرة دورًا حيويًا في دعم عملية السلام في السودان من خلال الوساطة الدبلوماسية، تنسيق الجهود الإقليمية والدولية، ودعم المساعدات الإنسانية، إدارة العلاقات مع الأطراف المتصارعة، وترويج المبادرات الإقليمية. ويعتمد نجاح هذا الدور على قدرتها على التنسيق بين مختلف الأطراف والحفاظ على حيادها وموضوعيتها في التعامل مع الأزمة.
التنسيق الإقليمي والدولي
تعكس زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى القاهرة اهتمام الإمارات بالمشاركة في جهود حل النزاع في السودان بالتنسيق مع مصر. فقد كانت الإمارات دائماً لاعباً إقليمياً مهماً، ووجودها في هذه الجهود مع مصر يمكن أن يكون له تأثير كبير في دعم جهود وقف الحرب في السودان، نظراً لعلاقتهما الوثيقة مع طرفي القتال. ويتردد حالياً أن القاهرة تسعى لتعزيز وتوحيد دور القوى الإقليمية المؤثرة في الشأن السوداني، حيث يتوقع وصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة. وهذا يشير إلى أن هناك مساع لإشراك دول الجوار بشكل أكثر فاعلية في عملية السلام. وإثيوبيا أيضاً تلعب دوراً رئيسياً في المنطقة، ووجودها في القاهرة يعكس التزامها بالمشاركة في جهود الحل، يضاف إلى تحركاتها الدبلوماسية السابقة مثل استضافة مؤتمر الحوار السوداني - السوداني في أديس أبابا، واستضافة تنسيقية القوى الديمقراطية السودانية (تقدم) على أراضيها، ولقاء رئيس وزرائها بقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في بورتسودان قبل أسبوعين. هذه الجهود تأتي في إطار مساعي الاتحاد الإفريقي لدعم أي جهود تفضي إلى عقد جلسة مفاوضات بين الطرفين المتقاتلين في السودان في أي مكان، مع ترشيح حيبوتي وجوبا.
الأمم المتحدة ومجلس الأمن
يعكس دعوة مجلس الأمن الدولي يوم 29 يوليو 2024 إلى دعم الجهود المكثفة لإجراء محادثات بين القوى السودانية في جنيف التزام المجتمع الدولي بتحقيق استقرار في السودان. ويعول
مجلس الأمن الدولي على الدعم الأمريكي والسعودي، باستضافة المحادثات القادمة في جنيف، ويظهر ذلك أن هناك رغبة دولية قوية في تقديم حلول دبلوماسية وشاملة لازمة الحرب في السودان.
الدور الإيراني
يمكن أن يكون للقاء بين وزيري خارجية السودان وإيران في طهران يوم 29 يوليو 2024 دون الكشف عن تفاصيله ي عدة دلالات. قد يكون هذا اللقاء جزءاً من محاولة الجيش السوداني للحصول على دعم إقليمي سياسي وعسكري إضافي أو محاولة لتوسيع نطاق التحالفات في ظل الأزمة. وإيران باعتبارها لاعباً إقليمياً مهماً، لها تاريخ في السودان يعود الى عام 1992 قد تسعى للتأثير في مسار الأحداث السودانية، وفقا لمصالحها ونفوذها الاقليمي في هذا الوقت الحساسا في المنطقة ولكن طبيعة هذا التأثير ستظل غير واضحة في الوقت الحالي.
مما تقدم، يتضح لنا أن جهود حل الأزمة السودانية تتسم بالتعقيد والتشابك، حيث تشارك فيها عدة دول إقليمية ودولية ومنظمات إقليمية ودولية.
ويظهر المشهد أن هناك تنسيقاً إقليمياً ودولياً كبيراً ، وأن الأزمات الإنسانية والجهود الإنسانية لحماية المدنيين تعتبر جزءاً مركزياً من الجهود الدبلوماسية. وتبرز التفاعلات بين القوى الإقليمية والدولية الأهمية البالغة للتعاون بين الأطراف المختلفة لتحقيق استقرار دائم في السودان، مما قد يتجنب المنطقة برميل بارود في اتجاه تحويلها إلى بركان ملتهب قد يساهم في خلق فوضى وعدم استقرار إقليمي.
وفي هذا السياق، لابد من التطرق إلى جهود الولايات المتحدة لعقد مفاوضات جنيف بين الفرقاء السودانيين في 14 أغسطس 2024 والتحديات والتوقعات من المبادرة الأمريكية في ظل الأزمة المستمرة. من الطبيعي أن تؤثر مبادرة الولايات المتحدة لمفاوضات جنيف بشكل كبير على الأزمة الحالية في السودان، لكنها تأتي في سياق معقد وتحديات كبيرة.
تعزيز الحوار بين الأطراف المتصارعة
تسعى الولايات المتحدة والدول الإقليمية والدولية المهتمة إلى أن يكون الهدف الرئيسي من المبادرة توفير منصة للتواصل المباشر بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، لفتح منفذ التواصل بين الطرفين للإسهام في تخفيف حدة التوترات العسكرية. ورغم التحديات، فإن النتائج المحتملة يمكن أن تؤدي إلى تحقيق المفاوضات مع الضغوط الأمريكية، إلى اتفاقات مبدئية لوقف إطلاق النار أو لخفض التصعيد، مما يوفر متنفساً لجهود السلام.
التركيز على وقف القتال وحماية المدنيين : من الأولويات الإنسانية أن المبادرة الأمريكية ستركز على قضايا إنسانية عاجلة، مثل وقف الهجمات على المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية مما يجعل بحث هذا المحور والوصول فيه إلى تفاهمات أمراً مهماً في تعزيز الثقة بين الطرفين المتقاتلين. مع ذلك، فإن تنفيذ هذه الالتزامات سيكون صعباً في ظل الأوضاع العسكرية الحالية والموقف المتشدد للأطراف المتصارعة.
التعاون الدولي والإقليمي
لنجاح المبادرة الأمريكية ، سعت وما زالت واشنطن لجلب الدعم الدولي والإقليمي للمبادرة، بما في ذلك الضغط من قبل الدول المجاورة ومؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة. والتأثير الداعم من دول مثل مصر والإمارات والسعودية سيكون حاسماً في توفير زخم إضافي لمفاوضات جنيف المرتقبة.
معالجة القضايا الأساسية
المبادرة ستواجه صعوبات في معالجة القضايا الأساسية مثل تقسيم السلطة، الموارد، وإعادة هيكلة القوى العسكرية. ومن أجل تحقيق النجاح في معالجة هذه القضايا، سيتطلب الأمر إشراك القوى المعنية بالشأن السوداني. المدنية في المفاوضات المستقبلية وعقد جولات متعددة من المفاوضات وتنازلات كبيرة من جميع الأطراف المعنيية بالشأن السوداني،
توقعات متفائلة وواقعية: إذا تمكنت المفاوضات من التوصل إلى اتفاقات ملموسة، حتى وإن كانت جزئية، فقد تساهم في استقرار الوضع وتحسين الظروف الإنسانية في السودان باتجاه مراحل أخرى راسخة لإنهاء الحرب. وفي حالة عدم التوصل إلى تفاهمات خلال مفاوضات جنيف القادمة، قد يستمر القتال والتصعيد، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويجعل جهود السلام أكثر صعوبة.
بشكل عام، يمكن أن تكون المبادرة الأمريكية خطوة هامة نحو تحسين الوضع في السودان، لكن نجاحها سيعتمد بشكل كبير على استعداد الطرفين المتقاتلين وأي أطراف ذات صلة للتفاوض بجدية، والتزام المجتمع الدولي بدعم عملية السلام.
تلعب مبادرات الشعب السوداني دورًا حاسمًا في دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء النزاع المستمر في السودان. ولعل الدعوة الأمريكية لعقد مفاوضات في جنيف يوم 14 أغسطس تمثل فرصة هامة لتحقيق تقدم نحو السلام. من خلال استجابة الشعب السوداني لهذه المبادرات، يمكن تعزيز فرص نجاح هذه المفاوضات وضمان تحقيق نتائج إيجابية.
دور الشعب السوداني في دعم المبادرات الإقليمية والدولية
في الختام، فإن دور الشعب السوداني في دعم المبادرات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الدعوة الأمريكية لمفاوضات جنيف، هو أمر بالغ الأهمية. ومن خلال الوحدة والضغط الجماهيري، يمكن للشعب السوداني أن يسهم بشكل كبير في انجاح مفاوضات جنيف وتعزيز فرص السلام وووقف الحرب وتحقيق استقرار دائم في البلاد ويمكننا قراءة دور الشعب السوداني بقواه السياسية ومنظماته المدنية في مفاوضات جنيف من خلال النقاط التالية :.
التعبئة الجماهيرية : يمكن إن يوجه التحرك السريع والموحد من مختلف فئات الشعب السوداني عبر التظاهرات والمظاهرات السلمية رسائل قوية إلى المجتمع الدولي والأطراف المتقاتلة.
وهذه التعبئة الجماهيرية تعكس إرادة الشعب السوداني في السعي نحو السلام وتضغط على الأطراف المعنية لتقديم تنازلات ضرورية.
التأييد والمشاركة في المبادرات : يمكن أن يعزز دعم الشعب السوداني لمبادرات السلام، بما في ذلك المبادرة الأمريكية لعقد المفاوضات في جنيف، مصداقية هذه الجهود. وعندما يرى المجتمع الدولي أن هناك توافقًا داخليًا واسعًا حول أهمية السلام، يزداد التزام الأطراف الدولية بدعم هذه المبادرات.
الضغط على الأطراف المتقاتلة : ايضا يمكن من خلال التحركات الشعبية الفعالة، أن يمارس للشعب السوداني ضغطاً على الأطراف المتقاتلة لتكون أكثر انفتاحًا في المفاوضات.
هو هذا الضغط يمكن أن تشمل حملات إعلامية، ومنشورات، وتوجيه كافة الاقلام باتجاه هدف وقف الحرب ودعوات لإظهار وحدة الشعب السوداني في دعمه لمبادرات السلام.
التنسيق مع الجهات الإقليمية والدولية : أن يتعاون الشعب السوداني أيضا مع الجهات الإقليمية والدولية في تنسيق الجهود الرامية لتحقيق السلام من خلال التواصل مع المنظمات غير الحكومية والمجموعات الدولية، والمؤسسات الحكومية لدعم المبادرات وتعزيز فعاليتها.
كما أن دعم الشعب السوداني للدعوة الامريكية لعقد مفاوضات في جنيف يوم 14 أغسطس القادم يمكن ان يكون له تأثير كبير في الدفع بحل النزاع السوداني ووقف الحرب من خلال الاتي:
إبراز أهمية المفاوضات
يمكن أن يساعد دعم الشعب السوداني لمفاوضات جنيف في تسليط الضوء
على أهمية هذه الجهود، مما يعزز من موقف المفاوضين ويزيد من فرص تحقيق تقدم ملموس.
توفير الدعم السياسي والمعنوي : ومن خلال تظاهرات ومبادرات دعم المفاوضات، يمكن للشعب السوداني أن يقدم دعمًا سياسيًا ومعنويا للمتقاتلين للمفاوضين، مما يعزز شعورهم بحفظ ماء وجوههم وبالتالي الانتباه لمسؤولياتهم الوطنية بوقف الحرب
تعزيز الثقة في العملية أيضا يمكن أن يعزز الدعم الشعبي الثقة في العملية التفاوضية ويشجع الأطراف المتحاربة على الالتزام بعملية السلام.