التراث السوداني في خطر وسط الصراع المسلح .. التفاصيل

التراث السوداني في خطر وسط الصراع المسلح .. التفاصيل
الآثار السودانية - وادي النيل

في خضم الصراع المستمر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تعرض التراث الثقافي للسودان لخطر غير مسبوق، حيث شهد متحف السودان القومي في الخرطوم عملية نهب ضخمة لآلاف القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن. يُعتبر هذا المتحف واحداً من أهم المؤسسات الثقافية في أفريقيا، إذ يضم مقتنيات تاريخية تمثل مختلف الحضارات التي مرت على السودان عبر العصور.

تفاصيل النهب

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية وأعدته الصحفية زينة محمد صالح، فإن عملية السرقة جرت في وقت كانت فيه قوات الدعم السريع تسيطر على المناطق المحيطة بالمتحف. أظهرت صور الأقمار الصناعية شاحنات محملة بالقطع الأثرية وهي تغادر المتحف، متوجهة نحو الحدود السودانية، وربما إلى جنوب السودان. وتشمل هذه القطع المفقودة كنوزاً نادرة تعود إلى حضارات مختلفة امتدت لآلاف السنين، مما أثار قلقاً دولياً حول مصير هذا التراث.

نفي قوات الدعم السريع

على الرغم من اتهامات محتملة لتورط قوات الدعم السريع، فقد نفت تلك القوات أي علاقة لها بعملية النهب، مؤكدة أنها لم تشارك في هذه الجريمة. في المقابل، التحقيقات لا تزال جارية لتحديد الجهة الفعلية المسؤولة عن سرقة هذه الكنوز، ولكن حتى الآن لم يتم الكشف عن أي نتائج رسمية.

أهمية المتحف وتاريخه

يُعد متحف السودان القومي من أقدم وأهم المتاحف في أفريقيا، حيث يضم أكثر من 100,000 قطعة أثرية تشمل مومياوات، تماثيل، فخار، ولوحات جدارية تعود إلى العصور الحجرية، والمسيحية، والإسلامية. يُمثل المتحف رمزاً للهوية الثقافية السودانية، وفقدان هذه القطع يعتبر خسارة لا تُعوّض للبلاد.

عمليات نهب مشابهة

لم تكن سرقة المتحف القومي حادثة منعزلة، إذ وردت تقارير عن عمليات نهب مشابهة طالت متاحف سودانية أخرى مثل "منزل الخليفة" في أم درمان و"متحف نيالا" في دارفور. هذه الجرائم تعزز المخاوف من ضياع التراث السوداني بشكل دائم، في ظل الفوضى الأمنية المستمرة.

ردود الأفعال المحلية والدولية

عبّر مسؤول في المتحف القومي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، عن حزنه العميق لما حدث، قائلاً: "هذه الآثار هي جزء من هويتنا السودانية. فقدانها يعني فقدان جزء من هويتنا كشعب". على الصعيد الدولي، تحاول المؤسسات الثقافية السودانية التواصل مع المنظمات والحكومات الدولية للمساعدة في استعادة القطع المسروقة وحمايتها. لكن الظروف الأمنية الصعبة تجعل من هذه الجهود مهمة شاقة ومعقدة.

في النهاية تعد سرقة متحف السودان القومي كارثة ثقافية وتراثية ليس فقط للسودان، بل للعالم أجمع. في ظل هذه الأزمة، يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان السودان سيتمكن من استعادة هذه الكنوز المفقودة قبل أن يتم تهريبها بشكل نهائي خارج البلاد، في وقت يواجه فيه تحديات كبيرة لحماية تراثه وسط النزاعات المسلحة.