لماذا تسعي مليشيا الدعم السريع إلى تقسيم السودان؟

لماذا تسعي مليشيا الدعم السريع إلى تقسيم السودان؟
مليشيا الدعم السريع - وادي النيل

القاهرة: علي فوزي 

في قلب المشهد السوداني المضطرب، تبرز مليشيا الدعم السريع كقوة مسلحة تسعى لتغيير ملامح الدولة السودانية. فمنذ اندلاع الصراع بينها وبين الجيش السوداني، تحاول هذه المليشيا فرض واقع جديد، ليس فقط عبر السيطرة العسكرية، ولكن أيضًا من خلال السعي لتأسيس كيان موازٍ قد يقود إلى تقسيم البلاد.

حلم السيطرة وفرض الأمر الواقع

لم يكن دخول قوات الدعم السريع إلى الخرطوم مجرد تحرك عسكري عابر، بل كان خطوة محسوبة نحو تعزيز قبضتها على العاصمة ومناطق أخرى، خصوصًا ولايات دارفور. فالسيطرة على هذه المناطق تتيح للمليشيا مساحة أوسع للمناورة السياسية والعسكرية، وتجعلها رقماً صعباً في أي تسوية مستقبلية. ومع تزايد قوتها، أصبح سيناريو المطالبة بحكم ذاتي أو حتى تكوين كيان مستقل أمرًا مطروحًا على الطاولة.

عداء الجيش.. معركة وجود

لطالما كانت العلاقة بين الجيش السوداني والدعم السريع متوترة، لكن المواجهات الأخيرة كشفت عن عمق الصراع بين الطرفين. فالجيش يمثل المؤسسة النظامية التاريخية التي ترى نفسها حامية للدولة، بينما تسعى المليشيا إلى كسر هذه السيطرة والتمدد على حسابها. ومع استمرار المعارك، تتضح رغبة الدعم السريع في تقليص نفوذ الجيش، وربما إبعاده تمامًا عن المشهد، لضمان بقاء سلطتها دون منازع.

دعم خارجي يعزز الانقسام

على الصعيد الإقليمي والدولي، لا تتحرك المليشيا بمعزل عن الفاعلين الخارجيين. تشير تقارير عدة إلى تلقيها دعمًا ماليًا وعسكريًا من جهات خارجية، تهدف إلى إبقاء السودان في حالة صراع دائم. فبالنسبة لبعض الأطراف، فإن تقسيم السودان أو إضعافه يخدم مصالح استراتيجية، سواء عبر السيطرة على موارده أو استخدامه كورقة ضغط إقليمية.

ورقة العرق والقبيلة.. لعبة خطرة

يدرك الدعم السريع أن مفتاح التوسع لا يكمن فقط في القوة العسكرية، بل أيضًا في استغلال الانقسامات القبلية والعرقية، خاصة في دارفور.

فالمليشيا تلعب على هذه التوترات، مستغلة النزاعات التاريخية بين المكونات المحلية، لتقديم نفسها كحامٍ للبعض في مواجهة الآخرين. هذه الاستراتيجية تمنحها دعمًا إضافيًا، لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام صراعات داخلية أعمق قد تؤدي إلى تفتيت السودان بشكل غير مسبوق.

الاقتصاد.. مفتاح الاستقلال الذاتي

بعيدًا عن السياسة والعسكر، تمتلك قوات الدعم السريع نفوذًا اقتصاديًا هائلًا، حيث تسيطر على مناجم الذهب ومسارات التهريب، ما يوفر لها مصدر تمويل مستقل عن الدولة السودانية. هذا الاستقلال المالي يسمح لها بالمناورة بحرية، ويمنحها القدرة على البقاء، حتى في ظل الحصار أو العقوبات الدولية. ومن خلال الاحتفاظ بهذه الموارد، يمكن للمليشيا أن تؤسس كيانًا اقتصاديًا منفصلًا، يعزز طموحاتها في حكم ذاتي بعيدًا عن سلطة الخرطوم.

الهروب من العدالة.. حصانة بالقوة

مع تصاعد الاتهامات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة، يواجه قادة الدعم السريع، وعلى رأسهم محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تهديدات قانونية قد تلاحقهم دوليًا. لذا، فإن السعي لإنشاء كيان منفصل أو فرض واقع سياسي جديد قد يكون محاولة للهروب من المساءلة، وضمان بقاء قادتهم بعيدًا عن أي محاكمات مستقبلية.

ختامًا.. أزمة تهدد بقاء السودان

بين طموحات الدعم السريع في التوسع والسيطرة، وصراع الجيش للحفاظ على وحدة الدولة، يبقى السودان عالقًا في دوامة العنف والانقسام. محاولات تقسيم البلاد لا تهدد فقط بنيته السياسية، بل تمثل كارثة إنسانية لشعبه الذي يعاني من تداعيات الحرب. ومع استمرار المعارك، يبقى السؤال: هل سينجح الدعم السريع في فرض رؤيته، أم سيتمكن السودان من تجاوز هذه المحنة والحفاظ على وحدته؟