«دولة 56» .. مصطلح سياسي أم محاولة لتأجيج الانقسامات في السودان؟

تقارير: وادي النيل
مع تعقّد المشهد السياسي في السودان وتزايد النزاعات المسلحة والخلافات بين المكونات المجتمعية، ظهر مصطلح "دولة 56" كإشارة إلى حقبة ما بعد استقلال السودان في 1 يناير 1956.
يستخدم هذا المصطلح في الخطاب السياسي والإعلامي للإشارة إلى ما يصفه البعض بالسياسات المركزية والتهميش الذي ساهم في تفاقم الأزمات الحالية، لكن هل يعكس هذا المصطلح الواقع التاريخي، أم أنه أداة سياسية لإعادة تفسير الماضي بطريقة انتقائية؟
جذور المصطلح وتفسيراته
يشير مصطلح "دولة 56" إلى الدولة السودانية التي تشكّلت بعد الاستقلال عن الحكم البريطاني-المصري.
ويصفها البعض بأنها قامت على أسس غير عادلة، حيث احتكرت النخب المركزية السلطة والثروة، وأهملت الأقاليم الطرفية.
التهميش الإقليمي
يدّعي مروجو هذا المصطلح أن الحكومات التي حكمت السودان منذ الاستقلال فشلت في تحقيق التنمية المتوازنة بين المركز والأقاليم، مما أدى إلى تفاقم الصراعات.
الإقصاء السياسي
تُتهم هذه الحكومات بتركز السلطة في أيدي مجموعات محددة، مع تجاهل احتياجات وتطلعات بقية مكونات السودان.
قراءة تاريخية: هل التهميش نتيجة لدولة 56؟
1. الإرث الاستعماري:
قبل الاستقلال، تبنّى الاستعمار البريطاني سياسات مركزية صارمة، وفرض عزلة على العديد من المناطق، خاصة جنوب السودان ودارفور. هذه السياسات هي التي أرسَت أسس التهميش وليس الحكومات التي جاءت بعد الاستقلال.
2. التحديات بعد الاستقلال:
دولة ما بعد 1956 ورثت بنية اقتصادية ضعيفة ومؤسسات غير مكتملة، ما جعل تحقيق التنمية المتوازنة مهمة صعبة.
3. التغيرات السياسية:
مرّ السودان بفترات من الحكم المدني والعسكري، وشهدت كل فترة تغييرات في السياسات، بعضها ساهم في تحسين الأوضاع، والبعض الآخر زادها سوءًا.
"دولة 56" في الخطاب السياسي المعاصر
يُستخدم مصطلح "دولة 56" في الخطاب السياسي الحالي كأداة لتأجيج الانقسامات بين المكونات السودانية، غالبًا ما يتم توظيفه لتبرير الحركات الانفصالية أو الصراعات المسلحة، مما يُساهم في تعميق الأزمة الوطنية.
خطاب الكراهية والانقسام يتسبب استخدام المصطلح في تعزيز الشعور بالغبن بين بعض المكونات المجتمعية، ما يُفاقم النزاعات، بالإضافة إلى تشويه التاريخ يُغفل المصطلح الجهود التي بذلتها بعض الحكومات السودانية لتحقيق الوحدة الوطنية والتنمية.