تحديات في تطبيق قانون اللجوء المصري.. قراءة تحليلية(10)

الموقف السياسي من القانون: السودان المنقسم وانعكاساته على اللاجئين في مصر

تحديات في تطبيق قانون اللجوء المصري.. قراءة تحليلية(10)
قانون اللجوء المصري - وادي النيل

بقلم: الصادق علي حسن 

انقسم المشهد السوداني إلى معسكرين: الأول يتمركز في بورتسودان بقيادة قائد الجيش وحلفائه من حركات مسلحة ومدنيين، والثاني في نيروبي بقيادة قائد قوات الدعم السريع وشركائه. وسط هذا الانقسام، تترقب القوى السياسية والمدنية نتائج الحرب في ظل انهيار متسارع لمؤسسات الدولة السودانية.

في خضم هذه الفوضى، تتزايد موجات اللجوء إلى مصر باعتبارها وجهة آمنة لكثير من السودانيين. ومع دخول قانون اللجوء المصري رقم 164 لسنة 2024 حيز التنفيذ بنشره في الجريدة الرسمية، أصبح من الضروري تعريف اللاجئين، لاسيما السودانيين، بمضامينه، إذ لا يعفيهم الجهل بالقانون من تبعات تطبيقه.

ردود الفعل على المقالات السابقة: بين الدعم والتحفظ

تفاوتت ردود الأفعال على المقالات المنشورة سابقًا؛ فهناك من رأى فيها جهداً توعوياً مهماً يسهم في نشر المعرفة القانونية، خصوصًا بين اللاجئين السودانيين. في المقابل، عبّر البعض عن تخوفهم من أهداف القانون، وذهبوا إلى اعتباره أداة سياسية قد تُستخدم ضد اللاجئين، عبر الترحيل القسري أو التواطؤ مع أنظمة قمعية.

بعض التعليقات اتسمت بالتلميح إلى أن الكاتب يروّج للقانون رغم مخاطره، بينما اتجه آخرون نحو التساؤل عن نوايا المشرّع المصري دون الاستناد إلى نصوص القانون نفسه. وفي مواجهة هذا الجدل، شدد الكاتب على أهمية النقاش القائم على تحليل النصوص القانونية وليس على الخلفيات السياسية.

المقارنات غير المفيدة: قراءة بلا جدوى لتجارب سابقة

أشار الكاتب إلى أن مقارنة القانون المصري بنظيره السوداني الصادر عام 1974 (ثم 2014) لا تقدم فائدة حقيقية ما لم تُبنَ على تحليل موضوعي للتجارب القانونية المختلفة. فالمقارنة دون غرض علمي أو عملي تظل عبئًا على النقاش ولا تفيد اللاجئ بشيء في أرض الواقع أمام السلطات المصرية.

التدابير الأمنية.. هل هي الغاية من القانون؟

طرح البعض أن القانون المصري للجوء بُني على خلفية أمنية، وهو ما لا يُعد مستغربًا، إذ إن الدول تضع قوانينها بما يحفظ أمنها القومي وسلامة مواطنيها. إلا أن الإشكالية تكمن في مدى توازن هذه التدابير مع حقوق الإنسان، خاصة أن اللجوء بحد ذاته هو مسألة ذات أبعاد إنسانية بالأساس.

مواطن الغموض في النصوص القانونية

ركز الكاتب على نص المادة (10) من القانون، والتي تخوّل "اللجنة المختصة" اتخاذ تدابير مؤقتة ضد طالب اللجوء في حالات الحرب أو الإرهاب أو الظروف الاستثنائية. هذا النص، بحسب الكاتب، يفتح الباب لتقديرات واسعة قد تُستخدم لتقليص حقوق اللاجئين دون رقابة قضائية واضحة.

وفي المادة (8)، وردت صياغات قانونية غامضة، منها أن طالب اللجوء يُحرم من صفة اللاجئ إذا "توافرت أسباب جدية للاعتقاد" بارتكابه جرائم معينة. وهنا تكمن الخطورة في ترك هذا التقدير للجهات الإدارية والأمنية دون اشتراط حكم قضائي نهائي.

كما انتقد غياب تعريف دقيق لماهية "الأعمال المخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة" الواردة في المادة نفسها، مشيرًا إلى أن غياب التحديد القانوني يُضعف الحماية القانونية للاجئين، ويمنح السلطات مساحة واسعة لاتخاذ قرارات تعسفية.

خاتمة: نحو نقاش قانوني لا سياسي

اختتم الكاتب بالتأكيد على أن تقييم أي قانون، بما في ذلك قانون اللجوء المصري، يجب أن يتم على أساس نصوصه ومدى سلامة تطبيقها، لا من خلال الموقف السياسي من الدولة التي أصدرته. فاللاجئ بحاجة إلى فهم القانون الذي سيُطبّق عليه، لا إلى الانخراط في جدل سياسي لا يُغير من الواقع شيئًا.