بيع القواعد العسكرية في السودان.. مكاسب مالية أم تهديد للسيادة؟

بيع القواعد العسكرية في السودان.. مكاسب مالية أم تهديد للسيادة؟
القواعد العسكرية في السودان - وادي النيل

تقارير: وادي النيل 

في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السودان، عاد ملف منح أو بيع القواعد العسكرية لدول أجنبية إلى الواجهة، بعد تصريحات رسمية أثارت جدلًا واسعًا حول تداعيات هذه الخطوة. وبينما يرى البعض أنها قد توفر عائدات مالية تسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية، يحذر آخرون من تداعياتها على السيادة الوطنية والتوازنات الجيوسياسية في المنطقة.

السياق الاقتصادي والسياسي

يواجه السودان تحديات اقتصادية خانقة، تفاقمت بفعل الحرب والصراعات السياسية، مما دفع الحكومة للبحث عن حلول تمويلية جديدة، سواء من خلال الاستثمارات الأجنبية أو عبر اتفاقيات عسكرية استراتيجية. وفي هذا السياق، يبرز خيار منح قواعد عسكرية كأحد الحلول المثيرة للجدل، خاصة في ظل التنافس الدولي المتزايد على النفوذ في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

المكاسب الاقتصادية المحتملة

تشير بعض التقديرات إلى أن السودان قد يحقق عائدات مالية ضخمة من منح القواعد العسكرية، سواء عبر منح مباشرة أو مساعدات مالية من الدول المستفيدة، مما قد يخفف من العجز المالي ويساعد في استقرار الاقتصاد مؤقتًا. كما أن هذه العائدات قد تساهم في دعم قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، الخدمات العامة، ودفع الرواتب، وهو ما قد يوفر استقرارًا نسبيًا على المدى القصير.

مخاطر تمس السيادة والاستقلال

لكن الاعتماد على عائدات القواعد العسكرية يحمل مخاطر كبيرة، إذ قد يجعل القرار السوداني مرتهنًا للضغوط السياسية من القوى الدولية المستفيدة. كما أن مثل هذه الاتفاقيات قد تؤدي إلى تدخلات مباشرة في الشأن الاقتصادي السوداني، بما في ذلك السياسات الاستثمارية واستغلال الموارد الطبيعية.

انعكاسات على الاستثمارات الأجنبية

قرار منح القواعد العسكرية قد يثير قلق بعض المستثمرين الأجانب، إذ يعتبرونه مؤشرًا على عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي. كما أن هذه الخطوة قد تخلق توترات إقليمية، تؤثر على العلاقات التجارية بين السودان ودول الجوار، مما قد يؤدي إلى تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

مخاطر استراتيجية وأمنية

يرى مراقبون أن منح السودان لقواعد عسكرية لقوى دولية متنافسة قد يجره إلى صراعات إقليمية ودولية، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار في البلاد. كما أن أي اتفاق غير مدروس قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، بدلًا من حلها، إذا لم يتم توجيه العائدات بشكل صحيح نحو دعم القطاعات الإنتاجية وإعادة بناء الاقتصاد.

و على الرغم من العائدات المالية المحتملة، فإن منح أو بيع القواعد العسكرية يحمل تداعيات خطيرة على السيادة الوطنية والاستقرار الداخلي. ولذلك، من الضروري أن يكون القرار مبنيًا على دراسة معمقة لمصلحة السودان على المدى الطويل، بدلًا من اللجوء إلى حلول مؤقتة قد تضع البلاد في مواقف سياسية واقتصادية أكثر تعقيدًا.

ويبقى السؤال الأهم: هل يمكن للسودان الاستفادة من هذه الاتفاقيات دون أن يدفع ثمنًا باهظًا على مستوى سيادته واستقلال قراره الوطني؟