تحليل أبعاد وأسباب سقوط نظام الأسد

تحليل أبعاد وأسباب سقوط نظام الأسد
بشار الأسد - وادي النيل

بقلم: د. محمد المطلبي

شهدت سوريا تطورات دراماتيكية خلال الأيام الماضية انتهت بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، في حدث يُعتبر من أبرز التحولات السياسية في المنطقة منذ أكثر من عقد. ورغم أن الصورة الكاملة لما حدث لا تزال غير واضحة، إلا أن هناك معطيات أساسية ساهمت في هذا الانهيار، وفق رؤية المحلل السياسي الدكتور محمد المطلبي.

1. التخلي الروسي والإيراني عن الأسد

يشير المطلبي إلى أن قرار موسكو وطهران بالتخلي عن النظام السوري لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة دراسة عميقة للكلفة الباهظة للاحتفاظ بنظام بات عبئًا اقتصاديًا وسياسيًا. ويُضاف إلى ذلك شلل النظام الاقتصادي واعتماده الكلي على دعم خارجي، ما جعل وجوده غير ذي جدوى على المدى الطويل، خاصة مع حالة الرفض الشعبي في المناطق السنية التي تمثل غالبية السكان.

2. الهيمنة الإسرائيلية على الأجواء

من العوامل الحاسمة في سقوط الأسد، وفق المطلبي، السيطرة الإسرائيلية على الأجواء السورية واللبنانية والعراقية، مما شلّ حركة النقل البري. وغياب القدرة على تأمين هذا الممر الحيوي بين إيران وجنوب لبنان أفقد النظام السوري أهميته الجيوسياسية في معادلة النفوذ الإيراني.

3. تغير استراتيجيات الصراع الإيراني-الإسرائيلي

يشير المطلبي إلى أن الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل شهدت اعتمادًا متزايدًا على التكنولوجيا، من صواريخ ومسيرات، دون الحاجة إلى الوجود الجغرافي المباشر في سوريا أو لبنان. هذا التطور قلل من أهمية الاحتفاظ بالأراضي السورية كقاعدة للصراع.

4. الخرق الاستخباراتي لحزب الله

الاختراق الإسرائيلي الكبير لمنظومة حزب الله الأمنية، بما في ذلك كشف مواقع تخزين الأسلحة وتحركات القادة، أضعف القدرات القتالية للحزب وأثر على فعالية المحور الإيراني في سوريا ولبنان.

5. أزمة الاقتصاد السوري وملف اللاجئين

يضيف المطلبي أن توريط الجماعات المعارضة في إدارة مناطق سيطرتهم قد يكون جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لإضعافهم، حيث سيجدون أنفسهم مسؤولين عن عشرات الملايين من السوريين وسط اقتصاد منهار ومديونية ضخمة. وعلى صعيد آخر، ستسعى تركيا للتخلص من اللاجئين السوريين بإعادتهم إلى المناطق التي يتم تحريرها، لتخفيف الاحتقان الداخلي في تركيا.

6. احتمالية الصراع بين قسد والنصرة

انسحاب الأسد قد يفتح الباب أمام صراع مباشر بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا وهيئة تحرير الشام المدعومة تركيًا. ويرى المطلبي أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تشظي المعارضة ويدفع بعض الفصائل للتعاون مع إيران، كما يحدث مع حماس.

7. استهداف الترسانة العسكرية السورية

أشار المطلبي إلى أن سقوط النظام أتاح فرصة لإسرائيل للسيطرة على ترسانة الصواريخ والأسلحة التي لطالما كانت عنصر تهديد إقليمي. انهيار النظام في وجه هذه التطورات كشف هشاشته أمام القوى الدولية.

آثار سقوط الأسد على الأطراف الفاعلة

يعتقد المطلبي أن ما خسرته إيران من نفوذ في سوريا قد يتحول إلى ورقة استثمار عاطفية في الداخل الإيراني لتحفيز دعم الشباب. أما تركيا، فهي تستفيد من التخلص من عبء اللاجئين، فيما يكتفي الروس بالاحتفاظ بقاعدتي طرطوس وحميميم. أما الولايات المتحدة، فقد وسعت نقاط سيطرتها عبر قوات سوريا الديمقراطية.

يؤكد الدكتور محمد المطلبي أن سقوط الأسد جاء نتيجة توازنات إقليمية ودولية دقيقة، وكان بالإمكان تجنب هذا السيناريو الكارثي قبل أكثر من عقد من الزمان دون إراقة دماء مئات الآلاف من السوريين. لكنه يضيف أن المشهد الحالي قد يكون بداية فصل جديد مليء بالتحديات، ليس فقط لسوريا، ولكن للمنطقة بأكملها.