شادية الحصري تكتب: رسالة لأصحاب الشعارات والنعرات.. لا تلوموا «مصر» ولوموا أنفسكم

بقلم: شادية الحصري
في البداية، وبكل صراحة وبدون تحيز، الشعب المصري شعب أصيل يحترم ويقدر كل شعوب الأمة العربية والإسلامية الأشقاء، وأيضاً يحترم كل الشعوب الصديقة. كما يقدر ويحترم كل من يعلم حجم مصر وقدرها. مصر لا تنسى مواقف الرجال ممن ساندوها في أزماتها، فالرجال مواقف، وهذا يظهر على كافة المستويات السياسية والشعبية بتكريم وتخليد ذكرى الأبطال من الأشقاء أصحاب المواقف المخلصة، وعلى رأسهم حكام وشعوب المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الإمارات العربية المتحدة الحبيبة، لما لهم من مواقف ثابتة في حب مصر وشعبها العظيم.
مصر.. رمانة ميزان المنطقة
مصر كانت وما زالت رمانة الميزان في الدفاع عن أمن واستقرار الدول العربية والمنطقة بأكملها، شاء من شاء وأبى من أبى. ولهذا كان لابد من الرد على أصحاب الشعارات الرنانة والنعرات العنترية الزائفة الذين لا يتحدثون إلا عن مصر قيادة وجيشاً وشعباً، رافعين شعار: "لماذا لا تحارب مصر من أجل فلسطين؟ أين مصر وجيش مصر؟"
مصر والقضية الفلسطينية: التزام تاريخي
القضية الفلسطينية كانت وما زالت هي القضية المركزية للدولة المصرية لاعتبارات كثيرة، وموقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية والقضايا العربية الهامة. مصر ليست مجرد داعم بالشجب والتنديد كما هو حال بعض الدول، بل كانت صاحبة القضية الفلسطينية. التاريخ يشهد على ذلك؛ فقد تصدت مصر لهجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينية في عام 1946 عندما اجتمعت 7 دول عربية في قمة "أنشاص" بدعوة من الملك فاروق الأول.
شاركت مصر في حرب 1948 رفضاً لتقسيم فلسطين إلى دولتين، وخاضت أولى حروبها ضد الميليشيات الصهيونية المسلحة بمشاركة دول عربية مثل الأردن والعراق وسوريا والسعودية ولبنان. ورغم الهزيمة، ظلت القضية الفلسطينية على رأس أولويات الدولة المصرية.
رفعت مصر بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر شعار "لا اعتراف، لا تصالح، لا تفاوض" مع إسرائيل خلال قمة الخرطوم، وساهمت في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. ولم تتوقف عند ذلك، بل تصدت للعدوان الثلاثي عام 1956، وخاضت حرب الاستنزاف حتى حققت النصر في أكتوبر 1973.
اتفاقيات لم تغير الموقف الثابت
انتهت حرب أكتوبر باتفاقية كامب ديفيد، التي تضمنت عودة إسرائيل إلى حدود ما قبل 1967. ورغم الخلافات التي ظهرت بعد هذه الاتفاقية، فإن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير.
خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي امتد 30 عاماً، لعبت مصر دوراً محورياً في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وطرحت مبادرات سلام مثل خطة 1989 التي دعت إلى وقف الاستيطان الإسرائيلي. كما شاركت مصر في توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.
استمرار الالتزام في عهد السيسي
في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ظلّت القضية الفلسطينية في صدارة اهتمامات الدولة المصرية. بذلت مصر جهوداً كبيرة لوقف إطلاق النار، حقن دماء المدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية من خلال فتح معبر رفح. كما تبنت رؤية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة، وواصلت مساعيها لتوحيد الفصائل الفلسطينية.
رفضت مصر أيضاً ما يُعرف بـ"صفقة القرن" وأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم.
حروب غير تقليدية
مصر خاضت 5 حروب عسكرية ضد الكيان الصهيوني منذ عام 1948 وحتى حرب أكتوبر 1973، ولكنها اليوم تخوض حروباً من نوع آخر لا تقل شراسة، وهي الحروب ضد الإرهاب والتضليل ونشر الشائعات. هذه الحروب تهدف إلى زعزعة الوحدة الوطنية وإضعاف الجبهة الداخلية، وهو ما حدث بالفعل في بعض الدول من حولنا.
رسالة حاسمة
ختاماً، نقول لكل أصحاب الشعارات الرنانة والنعرات الزائفة: "لا تلوموا مصر، بل لوموا أنفسكم". مصر قدمت آلاف الشهداء وخسرت مليارات من اقتصادها من أجل القضية الفلسطينية والأمة العربية.
أما الشعب المصري، فهو ليس متضامناً مع القضية الفلسطينية، بل هو جزء منها، وما يحدث يدمي قلوب المصريين. ومع ذلك، نحذر من المؤامرات المستمرة التي تستهدف مصر؛ فهي مطمع على مر العصور، وهي الجائزة الكبرى.
المعركة الآن هي معركة وعي. حفظ الله مصر، وتحيا بوحدتها واستقرارها رغم أنف المفسدين والمتربصين.