كمال إدريس يكتب: رمضان شهر السلام و الأمان

كمال إدريس يكتب: رمضان شهر السلام و الأمان
رمضان كريم

بقلم: د. كمال إدريس

في أجواءٍ روحانيةٍ مفعمة بالإيمان، يظلل شهر رمضان المبارك حياة المسلمين في مختلف أنحاء العالم، حاملاً معه رسائل السلام والأمن والأمان، ليُذكّر الناس بجوهر العبادة والتقرب إلى الله تعالى. ففي هذا الشهر الكريم، ، لتصنع نسيجاً اجتماعياً قوياً يعكس أسمى معاني التكافل والتضامن.

ويُعتبر رمضان فرصةً ذهبيةً لتجديد العهد والتذكير، حيث يتضاعف هنا الأجر، وتُفتح أبواب الرحمة. وكما هو معروف فإن الصيام ليس امتناعاً عن الطعام والشراب فحسب، بل تهذيبٌ للنفس، وتدريبٌ على الصبر، وفرصةٌ لقراءة القرآن الكريم والتمعّن في آياته، والسير على هدي السنة النبوية عبر الأعمال الصالحة كالصدقة، وصلاة التراويح، وقيام الليل. يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183).

ويرسّخ رمضان قيم التسامح والتعايش، حيث تزداد أواصر المحبة بين الناس. ففي ظلّ الصوم، تختفي النزاعات، وتعلو روح العفو والتكافل وحب الغير، فتُنظم الحملات الخيرية لإفطار الصائمين ودعم الأسر المحتاجة، مما يعزز الشعور بالأمان الاجتماعي. وتشهد المدن الإسلامية في هذا الشهر مبادراتٍ لافتة، مثل "موائد الرحمن" و"حقائب الخير"، التي تجسّد قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» (رواه الترمذي).

ولا يقتصر التكافل في رمضان على تقديم الطعام، بل يتجاوزه إلى دعم التعليم والصحة، ومساعدة الأيتام وكبار السن. ففي العديد من الدول، تُطلق الجمعيات الخيرية مشاريعَ مثل "سقيا الماء" و"كفالة الأيتام"، انسجاماً مع توجيهات الإسلام بضرورة مواساة المحرومين. وهذا التعاضد يُذكّر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ» (متفق عليه).

ويُضاعف الله الحسنات في رمضان، حيث تُغلق أبواب النيران، وتُفتح أبواب الجنان. ومن هنا، يسارع المسلمون إلى الطاعات، كإخراج الزكاة، وصلة الأرحام، والإكثار من الاستغفار. كما يُعدّ هذا الشهر فرصةً لتصحيح المسار الروحي، عبر الإقلاع عن العادات السلبية، والالتزام بالعبادات التي تقرّب العبد من ربه.

وليست فضائل رمضان محصورةً في أيامه الثلاثين، بل هي دعوةٌ لاستدامة القيم التي يزرعها. فكما نحرص على الصيام والقيام وزيادة الطاعات، علينا أن نحافظ على روح التسامح والتكافل طوال العام. فرمضان ليس شهراً عابراً، بل محطةٌ لتجديد العهد مع الله، وبناء مجتمعٍ ينعم بالسلام والأمان.