الحقيقة كما هي: قراءة شاملة للصراع السوداني وأبعاده

الحقيقة كما هي: قراءة شاملة للصراع السوداني وأبعاده
محمد الأمين أبو زيد - وادي النيل

بقلم: محمد الأمين أبوزيد

تشهد الساحة السودانية صراعًا معقدًا تتشابك فيه الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية، ما يجعل من الضروري فهم جذوره وحقيقته بعيدًا عن التزييف الإعلامي أو التبريرات السطحية. في هذا المقال، نقدم قراءة تحليلية للحقائق التي تقف وراء المشهد السوداني الحالي، موضحين كيف ساهمت الأجندات الخفية والتحالفات المتناقضة في تفجير الأزمة الراهنة.

الحقيقة الأولى: إرث الحركة المتأسلمة

بدأت جذور الأزمة السودانية مع تكتيكات الحركة المتأسلمة لاستعادة السلطة منذ الإطاحة بها في الثورة الشعبية. انطلقت هذه التحركات من كواليس المجلس العسكري الانتقالي، حيث عملت على عرقلة مسار الفترة الانتقالية وتهيئة المشهد لانقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي كان الحلقة الأخيرة في سلسلة انقلابات مصممة لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي.

الحقيقة الثانية: دور القيادة العسكرية

القيادة العسكرية لم تؤمن يومًا بالتغيير الديمقراطي، بل كانت تسعى للهيمنة واستعادة السلطة. شواهد ذلك كثيرة، بدءًا من تعطيل عمل لجنة إزالة التمكين، مرورًا باستغلال الخلافات بين القوى السياسية، ووصولًا إلى التحالف مع الحركات المسلحة لتفخيخ المرحلة الانتقالية.

الحقيقة الثالثة: أبعاد انقلاب أكتوبر

كان انقلاب 25 أكتوبر 2021 خطوة مدروسة لضمان عودة المتأسلمين إلى المشهد السياسي. تلا ذلك تعطيل القرارات الإصلاحية، واستهداف لجنة إزالة التمكين، ومحاولة القضاء على مكتسبات الثورة، بينما استُخدمت القضايا القبلية وإغلاق الموانئ لإضعاف القوى المدنية.

الحقيقة الرابعة: الحرب والصراع العسكري

الحرب الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع ليست إلا امتدادًا لصراع طويل الأمد بين طرفين يسعى كل منهما إلى الهيمنة على السلطة والثروة. تضمنت الحرب تقديرات خاطئة افترضت حسمًا عسكريًا سريعًا لصالح الجيش، إلا أن المعطيات على الأرض أثبتت استحالة ذلك.

الحقيقة الخامسة: الاتفاق الإطاري وخطورته

رغم تبني الاتفاق الإطاري مخرجًا آمنًا للعسكر، إلا أنه مثل خطرًا على الحركة المتأسلمة بسبب تضمينه خططًا لتفكيك النظام القديم ومحاسبة رموزه. هذا ما دفع الحركة لتأجيج الصراع وإفشال الاتفاق عبر الضغط على البرهان للتراجع عنه.

الحقيقة السادسة: تداعيات الحرب ومستقبل السودان

مع استمرار الحرب، يتضح أن الهدف الأساسي هو إعادة نظام الاستبداد، حتى وإن أدى ذلك إلى تقسيم السودان إلى دويلات. تجارب الماضي، مثل انفصال الجنوب، تؤكد استعداد بعض الأطراف للتضحية بوحدة البلاد في سبيل ضمان بقائها في السلطة.

الصراع في السودان ليس مجرد تنافس بين قوى عسكرية أو سياسية، بل هو صراع حول مستقبل البلاد، بين من يسعى لإعادة نظام الاستبداد، ومن يؤمن بأهداف الثورة في بناء دولة مدنية ديمقراطية. في ظل هذه المعطيات، على قوى الثورة توحيد صفوفها والعمل على إنهاء الحرب، حفاظًا على السودان ووحدته ومستقبله.